[ساطعاً على الإهمال, وعلى قصور المتابعة الميدانية لحل مشكلاتها... والنهوض بمعوقاتها, وتنفيذها حسب البرامج الزمنية والمادية المقررة, لتوضع في نهاية المطاف بخدمة المواطنين, الذين ينتظرونها ويدفعون ثمن انتظارهم لخدمتها من أعمارهم وقوت عيالهم, على أمل أن تقضي على معاناتهم من رداءة الواقع الخدمي, وتخلِّصهم من المشكلات البيئية والخدمية العديدة التي تؤرِّقهم فعلاً.
[size=16]عشرات مشاريع الطرق والصرف الصحي ومياه الشرب ومكبات القمامة في مختلف أنحاء المحافظة متعثرة منذ سنوات, والبلديات المسؤولة عنها تتقاذف الاتهامات مع الجهات المعنية بها. والنتيجة لا شيء, سوى عذاب للمواطن وتردٍّ للخدمات وانتصار للتسيب والإهمال ..والتقاعس.
[size=16]-في الملف التالي, ضوء ساطع على تلك المشاريع المتعثرة في مناطق المحافظة وعلى الأسباب التي أدت إلى تعثرها.. وعلى نتائج إهمالها وعدم متابعتها ميدانياً على المواطن.
[size=16]لأن اللمستين الأولى والأخيرة غائبتان تحول الصرف إلى ممنوع من الصرف وتعثرت بعض مشاريعنا ... الأمطار تهتك ستر مشاريع الصرف الصحي وتكشف العيوب
[size=16]مع أول هطل مطري تنكشف عورات شوارعنا وطرقاتنا- المكشوفة أصلاً – وما تلبث خفايا المشاريع أن تظهر بعد ذوبان مساحيق التجميل عن وجوهها المشوهة , لينعم المواطن بثمرات الأخطاء التي ارتكبتها الجهاتصاحبة العلاقة , وإذا كان لابد من وضع النقاط على الحروف لتوصيف ماهو قائم من سوء أعمال الصرف الصحي وتعبيد الطرقات وما إلى هنالك من ثغرات بل فجوات إن صح التعبير ,فإن التعبير الأدق لتوصيف واقع الحال الراهن يتمثل في مصطلح /ممنوع من الصرف ,ومحفور ,ومرقع ,ومقطوع ..../ لأن الضمير نائم والجهات الرقابية في إجازة, ولأن النظرية تحتاج إلى برهان تعالوا لنذهب في رحلة إلى قرانا وبلداتنا لنجمع الأدلة التي تثبت صحة نظريتنا وتؤكد ماذهبنا إليه بالقول من أرض الواقع ,كي لانتهم بالمبالغة والغلو ...
[size=16]من كواليس الصرف الصحي!!
[size=16]الحكاية من بدايتها ... بعد طول انتظار يأتي الصرف الصحي على أمل أن يحقق الأمنيات ويريح المواطنين من احتقانات المياه في الشوارع وطوفان الحفر الفنية ..وتبدأ أعمال الحفر وتمتلئ الشوارع بالأتربة والحجارة , ثم ينساها المتعهد لفترة تطول ,وخصوصا أن معظم أعمال الحفر تتم في فصل الشتاء وتتوقف الأعمال بسبب الأمطار , فينتعل المواطنون الأحذية ذات الساق الطويلة ويستبشرون بقضاء شتاء حافل بالأوحال . ويُمنّون النفس بالمشروع الذي سيريحهم إلى الأبد على مبدأ من يخطب الحسناء لايغله المهر , وبعد هذا الانتظار تأتي عمليات الطمر والتي تتم في أغلب الأحيان من مخلفات الحفر مهما كان نوعها من صخور وحجارة وأتربة وكلها تلقى فوق القساطل البيتونية التي يتوجب عليها أن تتحمل كل ما يُلقى فوقها من "بلاوي" ,المهم أن يتم توفير بعض الأموال على المتعهد المسكين الذي تورط ووضع أمواله في هكذا مشاريع خاسرة لذلك ليس هناك حاجة للرمل أو التراب الناعم وما إلى هنالك من شروط , والأهم من كل ذلك أن المشروع متفق عليه بين البلدية والمتعهد وكل ذلك طبعا حسب الأصول ...؟ وبعد أن تتم عملية دفن المرحوم على مبدأ / لا من شاهد ولا من عرف / لأن كل ذلك سيصبح في غياهب المجهول ولا أحد سيسأل عما حدث ولا يجوز نبش القبور ( والأمثلة كثيرة عن هكذا مشاريع لمن يرغب ) ...
متى تظهر النتائج ..؟
ثم تبدأ عمليات إعادة الطريق كما كان عليه وفقا لشروط العقد, وهذا لايحدث في أغلب الأحيان لأن المتعهد على عجلة من أمره ,لذلك فإنه يطمر عالماشي وكيفما اتفق ويشمع الخيط و...,لتأتي عمليات التعبيد المستعجلة إن لم نقل المسلوقة - طبعا إن حدثت - وهنا تبدأ مساوئ التعبيد تظهر حيث الانخفاسات والانطعاجات والتشققات , وفي أغلب الأحيان نشاهد ارتفاع الريغارات فوق مستوى الطريق أو منخفضة عنه , ثم تأتي المطريات التي يفترض أن تمتص جميع المياه التي تتجمع في الشارع ,لكن ذلك للأسف لايحدث لأنها تكون في مكان مرتفع لايمكن للمياه أن تصل إليه فتتجمع المياه في الشارع مُشكلة بركة أو مستنقعا صغيرا يصلح لسباحة البط وقد يجذب التماسيح ... فتقوم بلدياتنا العتيدة بحفر سواق في الزفت لهذه المياه كي تتمكن من الوصول إلى ريغار الصرف ,يمكنكم مشاهدة هذا المشهد على مسرح شارع الحرية في بلدة سلحب أوفي شوارع الربيعة أو ديمو أو قرية عين الجرن ...
بعض النماذج
الحقيقة أن الحديث عن مشاريع الصرف الصحي والنظافة في قرانا يطول كثيرا ...أثناء زيارتنا لقرية معرين الصليب لاحظنا انتشار أكياس القمامة على جوانب الطريق وفي كل مكان حتى في الأماكن القريبة من المدرسة وقال المواطنون إن مخلفات معاصر الزيتون والمجارير تفد إلى حوض سد أبو بعرة القريب المجاور للقرية وقد حولت مياهه إلى اللون الأزرق والأسود وأصبحت رائحتها كريهة ومزعجة وانتشرت اللايشمانيا في القرية إضافة إلى ذلك تتسرب مياه الحفر الفنية إلى الآبار السطحية .. ولما سألنا عن البلدية قالوا: ليس لدينا بلدية وتشرف على قريتنا بلدية المحروسة التي قالت: إن مهمتها الإشراف فقط على حماية المخطط التنظيمي من مخالفات البناء وليس لديها أية مسؤولية لجهة النظافة والخدمات في قرية معرين والأفضل إحداث بلدية فيها تضم معها قرية عقيربة ..وخصوصا أن البلدية تنوء بأحمالها ولديها المرحلة السادسة من مشروع الصرف الصحي متعثرة بسبب عدم توافر السيولة المادية وقال سمير حمود رئيس البلدية: إن البلدية تحتاج إلى الدعم المادي لتحسين الخدمات نظرا لاتساع مخططها التنظيمي الذي يصل إلى /600/ هكتار, ورأى رئيس البلدية أن الأهم من بين الجميع هو توسيع الطريق الذي يخترق القرية بطول /5/ كم وتحويله إلى ذهاب وإياب لأنه طريق حيوي وسياحي يشهد ازدحاما كبيرا ويربط مصياف بالغاب والمنطقة الشمالية وخصوصا في فصل الصيف وهذا سيحتاج إلى أكثر من /30/ مليون ل.س .
[]وعندما تذهب إلى بلدة ديمو فإنك ستلاحظ انتشار الأوحال والمياه الآسنة التي لم تجد طريقها إلى المطريات , وكذلك مكبات روث الحيوانات والروائح الكريهة وأكياس القمامة التي تنتشر في كل مكان حتى على أطراف قناة المياه الموجودة أمام مقر البلدية وقال المواطنون: هناك إصابات باللايشمانيا, ولما سألنا وليد سليمة رئيس البلدية قال: بلديتنا فقيرة وهي من الدرجة الرابعة وإيراداتها قليلة لاتغطي نفقات وقود جرار البلدية ووصف وضعها بالمأساوي وأن المنطقة في وسط القرية مستعصية على النظافة بسبب عدم تعاون الأهالي مع البلدية رغم ضبوط المخالفات التي نظمت بحق المخالفين ، وعد بترحيل مخلفات الأوحال وقال :إنه سيتم تعبيد معظم شوارع القرية خلال هذا الأسبوع إن لم تهطل الأمطار ...
الصرف في الأراضي الزراعية!!
غالبا ماتصب مياه الصرف الصحي في أماكن قريبة من القرى وضمن الأراضي الزراعية فتحدث الروائح وتنشر الأمراض وتلوث الآبار القريبة منها وهذا مالاحظناه أثناء زيارتنا لبلدة أصيلة حيث تصب مياه الصرف بالقرب من الآبار الارتوازية وقال المواطنون :إنهم باتوا يكرهون الذهاب للعمل في أراضيهم بسبب الروائح الكريهة لهذه الحفرة ,وقال محمد زيدان علي رئيس بلدية أصيلة :إن هذه الحفرة هي حوض ترسيبي لمياه الصرف الصحي، باتجاه هارب ترابي سيتم التخلص منها قريبا ,حيث توجد دراسة لربط محور إقليمي لجميع المصبات في المنطقة مع محطة معالجة شرق كازية الرعيدي..
روائح ومساوئ
وعندما تذهب باتجاه الشمال على الطريق الذي يصل بين طريق أصيلة جب رملة وطريق عام محردة كازية الرعيدي ,تلاحظ الحفر الكثيرة والمطبات الصنعية بسبب تمديد خراطيم المياه بين الأراضي الزراعية وقد نستها الجهات المعنية أو لم تلاحظها , وباتجاه الغرب من بلدة تل سكين القعادة تتمتع بروائح الصرف الصحي الممدود غرب القرية والذي يزكم الأنوف هذا ونحن في الشتاء أما في فصل الصيف فحدث ولا حرج، فاشتداد فاعلية هذه الروائح يقض مضجع أهالي القرية ويُعكر صفو حياتهم ,... وعندما تصل إلى بلدة تل سلحب تشاهد الريغارات التي تنتشر على طول المدخل إليها ارتفاعا وانخفاضا وتتوسط الطريق وتزعج السيارات ,وعندما تتجول في السوق تلاحظ السواقي التي اصطنعتها البلدية في الزفت لتسهيل انسياب المياه إلى المطريات وهذا بسبب سوء تنفيذ التعبيد ...وباتجاه قرية عين الجرن التابعة لبلدية أبو قبيس، تلاحظ كيف فعلت المياه المنحدرة من الجبل بالطريق الواصل بين الصقلية ودير شميل حيث لا توجد قنوات ضمن الطريق لتصريف المياه ،لذلك فإنها تعبره جارفة معها الأتربة والحجارة، وتسبب الحوادث وتعوق حركة الطلاب أثناء ذهابهم إلى المدرسة كما قال الأهالي ,وإذا تجولت في القرية تلاحظ الانخفاسات والتشققات في الزفت بعد تنفيذ الصرف الصحي !!
ولنبتعد قليلا باتجاه قرية الربيعة حيث تستقبلك على مدخل البلدة حفرة كبيرة على يمين الطريق وجدت لتكون فضّالاً لمياه الصرف الصحي بدون أي حماية أو جدار استنادي وعداعن خطورتها فهي مشوهة لمدخل القرية... ,وإذا تجولت في القرية ستلاحظ مساوئ الريغارات بالارتفاع والانخفاض عن مستوى الطريق
الأم تأكل الدجاج والأبناء يعلقون في السياج
أما في القرى الواقعة شرق حماة فكثيراً ماتلاحظ اشتراك عدد كبير من القرى على اسم بلدية , كما في بلدية علي كاسون حيث كانت تضم أكثر من عشرين قرية ومزرعة تنتشر على مساحة واسعة جدا , ثم تم فصل مجموعة من القرى عنها وشكلت بلدية البردونة ,وإذا تجولت في هذه القرى تلاحظ مدى تدني الخدمات فيها , وفي مثل هذه الحالة فإن القرية المركز للبلدية تنعم بجميع الخدمات وتشفط البيضة والقشرة ولا تترك للقرى الأخرى شيئا , فيتم فيها التعبيد والصرف الصحي و..والقرى التابعة لها تشم ولا تذوق ,وبعدها يتم فصل عدد منها عن البلدية الأم لتعيش الحالة نفسها مجددا تحت اسم بلدية جديدة بانتظار أن يأتيها الفرج وتصبح بلدية مستقلة في يوم من الأيام ,وإذا رغبت ببعض الأمثلة يرجى زيارة قرى الفانات ودنين ودويبة والثورة والطوبة ...
أجوبة على المقاس
وعندما تسأل المعنيين عن أسباب تدني الخدمات وسوء تنفيذ مشاريع سواء الطرق أو الصرف الصحي,تجد الإجابات جاهزة ومفصلة على المقاس دائما :إمكانيات ضعيفة ,لاتوجد سيولة مادية ,وكلّ يقذفُ الاتهام على المسؤولين السابقين ويعد بالإصلاحات ويدخل حرف السين المختص بعمليات المماطلة والوعود الخلبية, سنعمل, سنصلح, سنطمر ,ســـ.... ولكن ...؟؟!! أما إذا تعلق الأمر بتلوين الأرصفة أو بمأدبات غداء أو عشاء العمل فإنك ستلاحظ أن الميزانية مفتوحة والسيولة تجرف الطاولات جرفا ..
اللمسة الأخيرة!!
]نحن لاننكر أن الدولة تصرف مبالغ كبيرة جدا على المشاريع الخدمية وتنجز مئات الكيلومترات من شبكات الطرق والصرف الصحي ,لكن لماذا لايتم التنفيذ بشكل لائق , والسؤال أين الحلقة المفقودة ..؟ أين اللمسات الأخيرة على هذه المشاريع الحيوية ..؟ لماذا نضيع نتيجة كل هذه الأعمال وهذا التعب وهذه الخدمات ؟ أعتقد أن بعض الرقابة وبعض الضمير كفيلان بترميم الكثير من المشاريع والنفوس المريضة , ويشكلان حاجزا أمام الاختراقات ذات الدوافع الشخصية ..فمن حق المواطن أن تصل إليه الخدمات كما تخصصها الجهات المعنية قبل أن تصادرها الأيدي الخفية ببعض حركاتها السحرية ...
موضوع: نامت النواطير ...فتعثرت المشاريع.. 
الثلاثاء أكتوبر 26, 2010 9:59 am
