يوسف وهبي..حياته مسرح كبير

نشأته
في حياة القصور والرفاهية كانت هي السبب فمنذ ان طرده والده المهندس
عبدالله باشا وهبي من المنزل عقابا له على الهبوط بسمعة العائلة ومخالطة
المشخصاتية، قامت في نفسه رغبة جامحة في تحقيق امجاده الخاصة خارج اطار
الباشوية او البكاكوية والجاه الماجدي.
"انا حجاج" يقول يوسف وهبي كان معتزا بنفسه محبا للظهور ولكن هذا الوصف لم يكن هو الدافع الحقيقي وراء نجاحي.
بدأ احساس يوسف وهبي بنفسه يستيقظ بعد ان نجح نجاحا فعليا شان معظم الفنانين الموهوبين الذين نراهم في كل عصر.
وصفته "روز اليوسف" بانه شاب طموح عنده المال والثراء فهو ذو زعامة رأسمالية ويريد ان يحقق الى جانبها زعامة فنية.
وقال
عنه زكي طليمات:"ان يوسف وهبي فقد توازنه واحس بالارض تهتز تحت قدميه"! خرج
من حياة القصر الى حياة الفنادق المتواضعة ليخترق التمثيل وليكسب عيشه مع
من هم دون مستواى اجتماعيا.
لقد اصيب توازن يوسف وهبي بشرخ عميق. وكان يوسف يلمس هذا ويؤلمه رغم حبه المسرح فهو دائم البحث عن فرصة تواتيه .

هذه الصورة مصغره ... نقره على هذا الشريط لعرض الصوره بالمقاس الحقيقي ... المقاس الحقيقي 600x915 .

وكان
عميد المسرح العربي يحلم باداء عمل فهو شاعر الجماهير ويثير الفضول يملا
دويه هذا الشرخ في توازنه الاجتماعي وجاءته الفرصة واصبح يتصرف باكثر من
عشرة الاف من الجنيهات الذهبية.
واسس فرقة تتجمع اليه الممثلين بقيادة عزيز عيد. لقد بنى مجدا عصاميا جديدا ليحقق له صيتا يفوق صيت ابن الباشا او البيك.
عشق الفن وضحى في سبيله بكل ما يملك وصار ظاهرة اجتماعية وثقافية فريدة.
انه منذ طفولته "بك" ابن الباشا وفي حسبه ونسبه وطبقته ما كان حريا بان يفتتح له فرصا عريضة.
انتماؤه الوسط الفني اعتبر نزولا الى درك اسفل من السلم الطبقي.
لكنه
يعني في انظار البعض اتساع افق ونفاذ رؤية. فقد ادرك الفن بوعيه الفطري
وحدسه العميق ان الفن المسرحي وفن التمثيل هو فن السنين المقبلة، وان هذا
الفن سوف يكون له شأن كبير.
وادرك
ايضا بان النظرة الاجتماعية للفن سوف تتغير ولهذا تحدى طبقته وسمعته. ان
معظم الطبقات الارستقراطية ارتادت المسارح ووجدت المتعة ولكنهم كانوا لا
يزالون ينتظرون باحتقار الى اهل الفن.
وتصالح يوسف وهبي مع اهله وارسله والده الى الخارج في بعثة علمية.
ورغم
اهله قد استقام وبدا يدرس هندسة الكهرباء، بيد انه كان يقضي الوقت
"متصعلكاً" بين المسارح الايطالية يشاهد العروض ويتعلم من كبار النجوم
والمخرجين. ودارت الايام. وخرج يوسف وهبي عن طبقته والانتماء نهائيا لاهل
الفن وانشا "مدينة رمسيس" الشهيرة واعتبرت اعظم مغامرن في حياته وجمع فيها
الممثلين والمخرجين والفنيين.
وصارت مدينة رمسيس بمسرحها مدرسة فنية.

ومن
ينظر في خريطة الفن المسرحي في ذلك الوقت فقد كانت موزعة بين تيارين
مختلفين احدهما يقدم المسرح الاجنبي جورج ابيض والاخر علي الكسار يقدم
"الاسكتشات" الرخصية.
ولم يكن نجيب الريحاني فد اسفر بعد عن امكاناته الحقيقية وقد لعب "مسرح رمسيس" دورا في تحضير فن المسرح.
يوسف وهبي اصغر اشقائه وعددهم سته وشقيقتان ولد في الفيوم عام 1998 وسمي باسمه تيمنا بسحر يوسف.
اول
دور اسند اليه وهو في الرابعة عشرة من عمره وكان في رواية "حنجل بوبو"
لفرقة عزيز عيد المسرحية عام 1912م. عام 1920 درس المسرح في روما.
قدم
بمسرح رمسيس عام 1922 م، 302 مسرحية منها 60 مسرحية من تاليفه. وكان العرض
الاول "المجنون" اول عمل شق به طريقه الى المسرح مؤلفا وممثلا، قدم للسينما
49 فيلما وانتج اول فيلم تاليف اولاد الذوات بطولة امنية رزق وانتج عام
1929م فيلم زينب عن رواية محمد حسين هيكل.
الحصاد
المسرحي 392 مسرحية وخرج منها 250 بنفسه واهمها "اسبتوتن"، "الحاكم بامر
الله"، "الاستعباد"، "الزعيم". حبه الاول فتاة يونانية.

امير
القوافي وشاعر النيل وعميد المسرح شهب اضاءت سماء حياتنا. رحل يوسف وهبي عن
الدنيا عام 1982م وكانت مصر تحتفل بمرور 50 سنة على رحيل احمد شوقي وحافظ
ابراهيم.
وما
الدنيا الى مسرح كبير لعب العميد دور الطاووس والبرنس والارستقراطي وصديق
اولاد الفقراء وعدو الفساد والظلم ثم اسدل الستار في المسرح الكبير.

عاش في
الدنيا ألف عام بالمأساة والملهاة ومات لينضم الى مواكب الخالدين مع امير
الشعراء احمد شوقي وشاعر النيل حافظ ابراهيم وكوكب الشرق ام كلثوم والنهر
الخالد محمد عبد الوهباب والعندليب عبد الحليم حافظ.
ثلاثة مشاهد في اعماله المسرحية تركت بصمة في جبين المسرح العربي وهي ادواره الثلاث هي:
الكاردينال والبابا في الشرق الياباني والفلاح الحرّ في الإستعباد.