أبو غازي المراقب العام
الدولة : عدد المساهمات : 3966 ليرة - رياضة رايق
| موضوع: هل يفكر الكمبيوتر؟ الجمعة ديسمبر 02, 2011 2:54 pm | |
| هل يفكر الكمبيوتر؟
د. عمار سليمان علي يعتقد بعض العلماء أن أجهزة الكمبيوتر مجرد آلات كهربائية معقدة تعمل بشكل غير واعٍ, ولا يوجد أي سبب يدعونا للظن أنها سوف تكون يومًا ما شيئًا أكثر من مساعدات غير واعية للكائنات الإنسانية الواعية. ولكن في المقابل ثمة من يعتقد أو يتنبأ بأن أجهزة الكمبيوتر سوف تتحول في قادم الأيام إلى أجهزة مفكرة وواعية, ومتشبهة بالبشر. ويدور في الواقع جدل كبير بين وجهتي النظر هاتين, وإن كان أكثرية العلماء والمفكرين يميلون إلى وجهة النظر الأولى, وهذا ما يبدو جليًا على سبيل المثال في ملف نشرته صحيفة الغارديان The Guardian البريطانية مؤخرًا (أيلول 2009) ووجهت من خلاله لبعض العلماء والمفكرين السؤال التالي: لماذا لا تستطيع أجهزة الكمبيوتر أن تفكر؟ ونشرت إجاباتهم عليه تباعًا. فرأت المفكرة آن لونغ Ann Long مثلًا أن التفكير انبثق لكي يخدم الاهتمامات العملية والتطورية واللغوية والعاطفية للكائنات المفكرة, وبما أن أجهزة الكمبيوتر لا تمتلك مثل تلك الاهتمامات فهي لا تستطيع التفكير, فالبشر كائنات حية بينما أجهزة الكمبيوتر فاقدة للحياة. أما الطبيب والفيلسوف المعروف ريموند تاليس Raymond Tallis فاعتبر أن الاعتقاد بوعي أجهزة الكمبيوتر أمر سخيف, ولم يتورع عن وصفه بالهراء. وأرجع تاليس ذلك الاعتقاد الخاطئ ـ حسب تحليله ـ إلى سوء فهم مزدوج يتعلق في أحد جوانبه بطبيعة الكمبيوتر, وفي جانبه الآخر بطبيعة التفكير: طبيعة الكمبيوتر يوافق معظم الناس على أن أجهزة الكمبيوتر الحالية ليست واعية, فحتى الكمبيوتر الممتاز والأكثر حداثة والأشد فاعلية ليس أقل افتقارًا للتفكير والوعي من أية آلة حاسبة قديمة. لكن لدى بعضهم, رغم ذلك, شعورًا بأنه في مرحلة ما, نتيجة للفاعلية الكمبيوترية المتزايدة وما يمكن أن يسمى «الطبيعة المعقدة» للكمبيوتر, فإن هذا المنتَج الاصطناعي الذي يملك هذه الفاعلية وهذه الطبيعة المعقدة, سوف يصبح واعيًا لوجوده الخاص, أو بالحد الأدنى سوف يختبر التعاملات التي تحدث فيه وعبره وحوله. لكن تاليس يعتبر أن هذا الشعور, أو الادعاء كما يسميه, أمر مشكوك فيه بقوة, لأن هؤلاء الذين يعتقدون بقرب ظهور أجهزة كمبيوتر واعية لا يستطيعون أن يحددوا لنا ما هي الخصائص والميزات التي يمكن أن تمتلكها تلك الأجهزة الافتراضية أو المتخيًّلة, وليست متوافرة في أجهزة الكمبيوتر الحالية غير الواعية. ويشرح تاليس كيف سادت في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين موضة الاستشهاد بأساليب البناء البديلة ـ بشكل خاص عملية متوازية بدلًا من متسلسلة ـ كأساس للكمبيوترات التي سوف تكون واعية أو مدركة لذواتها. لكن تلك الموضة توقفت الآن ـ حسب تاليس ـ ولم يعد موجودًا لدى من يتبنون تلك النظريات أي تصورات أو تخيلات حول أجهزة الكمبيوتر الواعية, وباتت جعبة مخيلاتهم فارغة تمامًا. لذلك يقول تاليس: «ليس لدينا أي سبب لكي نتوقع أن أجهزة الكمبيوتر سوف تكون أي شيء آخر سوى آلات شديدة التعقيد يحدث فيها تمرير لنبضات كهربائية غير واعية, داخل وخارج دارات كهربائية غير واعية, وتتفاعل مع جميع الآلات الموصولة بها بشكل مباشر أو غير مباشر».طبيعة التفكير يبدو سوء الفهم المتعلق بطبيعة التفكير, أكثر عمقًا وأشد تعقيدًا. فقد طرح بعض العلماء أن التفكير لا يتطلب الوعي, لذلك تستطيع أجهزة الكمبيوتر أن تفكر, أو هي سوف تفكر يومًا ما, حتى لو لم تصبح واعية أبدًا. وحجتهم في ذلك أن الأفكار شأنها شأن كل ما يسمى فعاليات واعية, هي مجرد محطات في الطريق بين مداخل مثل خبرة الحواس, ومخارج مثل السلوك والتصرف, ولا يلزمها أن تكون واعية لأن الوعي برأيهم لا يقدم شيئًا لفاعليتها السببية. ويرد تاليس بعنف على أصحاب هذه الحجة, معتبرًا أن الأمر لا يتطلب أجهزة ولا معدات ولا حتى نقاشًا دقيقًا لكي يقال: إن هذا مجرد هراء، بل كل ما نحتاجه هو التركيز على الأفكار عندما نمتلكها في هذه اللحظة, فإنكار أن التفكير واع ٍ يدحض ذاته بذاته: أنت لا تستطيع أن تنكر وعي أفكارك من دون أن تكون واعيًا بأنك تفعل هذا، لذلك لا يمكن أن يقال عن الكمبيوتر غير الواعي إنه يفكر. هو ربما يساعدنا على التفكير لكن هو نفسه غير مفكر, تمامًا مثل الساعة التي يمكن أن تساعدنا بأن تخبرنا كم الوقت, لكنها لا تستطيع أن تخبر نفسها كم الوقت. وكما أننا كبشر ننجز العديد من الأشياء من دون تفكير, فإن بإمكان الكمبيوتر غير المفكر أن يساعدنا بفاعلية في أعمالنا وتصرفاتنا, دون أن يكون محتاجًا للتفكير السطحي منه أو العميق. وهذا يجعل الفارق واضحًا وضوح الشمس بين الفاعلية الكمبيوترية والوعي، فعلى سبيل المثال الشخص الذي يحاول أن يحل مشكلة كيف يسافر بأسرع وأمتع وأنسب الطرق إلى مدينة ما, لا يكون لديه أي قاسم مشترك مع البرنامج الالكتروني المصمم للرحلات والذي يكون هذا عمله الوحيد دون أن يكون لديه ـ أي البرنامج ـ أدنى فكرة عما يفعل أو لماذا أو ماذا يفعل الشخص الذي يتعامل معه أو لماذا.سوء استخدام «المعلومات» لا يحتاج الكلام السابق إلى مزيد من الشرح والتوضيح, ولذلك يعبر تاليس عن حيرته من أين انبثقت فكرة أن أجهزة الكمبيوتر يمكن أن تصبح مفكرة واعية يومًا ما, وأن ذلك الوعي, خصوصًا الوعي المفكر, هو ذو طبيعة كمبيوترية؟. يكمن الجواب, فيما يرى تاليس, في اللغة التي نستخدمها لوصف أجهزة الكمبيوتر من جهة, ولوصف عقولنا وأدمغتنا من جهة أخرى. وللتدليل على سطوة اللغة وقوة تأثيرها في هذا المجال, يستشهد تاليس بواحد من أبرز فلاسفة القرن العشرين في مجال اللسانيات, وهو البريطاني ـ الاسترالي لودفيغ ويتجنستن Ludwig Wittgenstein (1881 ـ 1951م) الذي قال في أبحاثه الفلسفية التي نشرت بعد وفاته:«لقد قيّدتنا الصورة بقيودها, ولن نستطيع فكاكًا منها لأنها استقرت في لغتنا, ومن الواضح أن اللغة تكررها علينا بإصرار وعناد». من هنا يرى تاليس أن مفتاح فهم الأوهام حول أجهزة الكمبيوتر والوعي, هو في إدراك أن هناك إساءة في استخدام كلمة «المعلومات». فالبعض يقول إن أجهزة الكمبيوتر والعقول والأدمغة, تقوم كلها بالعمل نفسه الذي يسمى معالجة المعلومات, والعقل هو ببساطة برنامج الكتروني أو جهاز مرن «سوفت وير» Software مزروع ضمن الجهاز الصلب «هارد وير» Hardware أو العضو الحي «ويت وير» wetware الذي هو الدماغ. لكن الملاحظة التي يجري إهمالها ولا تكاد تلقى اهتمامًا يذكر, هي كون كلمة «المعلومات» تمتلك معنى يختلف حسب السياق الذي تستخدم فيه, فالمعنى الكمبيوتري لكلمة «المعلومات» يختلف بشكل كبير عن معنى الكلمة كما تستخدم في حياتنا اليومية, وينبغي ألا يتم خلط المعنى الكمبيوتري بالاستخدام العادي الذي يشير إلى معرفة يمكن أن تنتقل بشكل واع ٍ بين كائنات إنسانية واعية, وذلك وفق ما أوضح مثلًا العالم الرياضي والإداري الأمريكي المعروف وارن ويفر Warren Weaver (1894 ـ 1978م) الذي هو أحد الآباء الكبار المؤسسين لنظرية المعلومات, وأحد رواد الترجمة الآلية, بالإضافة إلى دوره المهم في نشر العلم ودعمه وتبسيطه في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم. فوفقًا لويفر «نحن نتعلم أن هناك «معلومات» في العالم المادي ـ على سبيل المثال في الضوء الذي يصل إلى الشبكية؛ فتلك التجربة الحسية هي معلومة؛ وثمة أجزاء من الدماغ «تخبر» الأجزاء الأخرى منه والدماغ أو العقل هو معالج للمعلومات). أما كلاود إلوود شانون Claude Elwood Shannon (1916 ـ 2001م) العالم الرياضي والتكنولوجي الأمريكي الذي اكتشف نظرية المعلومات واقترح النموذج الخطي لنظام الاتصالات, وصاحب العديد من الكتابات عن ثورة المعلومات وعن الذكاء الاصطناعي, فقد نبّه في بعض تلك الكتابات إلى أمر شديد الإحراج وهو أن الأنشطة العقلية الممكنة, مثل التفكير, تصبح منفصلة عن الوعي, كما في عقول بعض أبرز المفكرين في هذه الأيام, لذلك يرى تاليس أنه يصبح من الممكن أن يتبنوا الفكرة السخيفة حول أن الكمبيوتر, المساعد غير الواعي للكائن الإنساني الواعي يمكن أن يقوم بأشياء واعية مثل التفكير ـ أو سوف يقوم بها في يوم من الأيام. لكن قوة حجة تاليس وسطوع براهينه لم يمنعا أحد المفكرين المشاركين من أن يطرح السؤال بالمقلوب: كم هي نسبة البشر الذين لا يفكرون؟. وعلى المنوال نفسه الذي لا يخلو من الطرافة, رأى الأسقف والمفكر ديفيد ووكرDavid Walker في سياق إجابته عن سؤال «الغارديان» السابق, أن الكمبيوتر ليس عقلًا, ولكن لو قيّض له أن يتكلم يومًا ما, لكانت كلماته الأولى : أنقذوني Save me! | |
|
ترنيمة شتاء المراقبة العامة
الدولة : عدد المساهمات : 3793 لا يوجد :) تعاليق : تَأكَدْ بِـ أنَ لاَ شَئ يَبْقَىْ مَعْكْ ,
سِوَىْ الإحْتِرَاْمْ لِـ غَيْرَكْ .. أوْ لِـ ذَاْتَكْ !!
| موضوع: رد: هل يفكر الكمبيوتر؟ السبت ديسمبر 03, 2011 5:53 am | |
| بالفعل رح يقول انقذوني ههههه شكرا لك | |
|
ساحرة القلوب مستشارة ادارية
الدولة : عدد المساهمات : 6413 تعاليق : سأظل احبك وان طال انتظاري
فان لم تكن قدري .... فأنت اختياري
| موضوع: رد: هل يفكر الكمبيوتر؟ السبت ديسمبر 03, 2011 6:22 am | |
| | |
|