هَل بِالطُلولِ لِسائِل رَدُّ | أَم هَل لَها بِتَكَلُّم عَهدُ |
أبلى الجَديدُ جَديدَ مَعهَدِها | فَكَأَنَّما هو رَيطَةٌ جُردُ |
مِن طولِ ما تَبكي الغيومُ عَلى | عَرَصاتِها وَيُقَهقِهُ الرَعدُ |
وَتُلِثُّ سارِيَةٌ وَغادِيَةٌ | وَيَكُرُّ نَحسٌ خَلفَهُ سَعدُ |
تَلقى شَآمِيَةٌ يَمانِيَةً | لَهُما بِمَورِ تُرابِها سَردُ |
فَكَسَت بَواطِنُها ظَواهِرَها | نَوراً كَأَنَّ زُهاءَهُ بُردُ |
يَغدو فَيَسدي نَسجَهُ حَدِبٌ | واهي العُرى وينيرُهُ عهدُ |
فَوَقَفت أسألها وَلَيسَ بِها | إِلّا المَها وَنَقانِقٌ رُبدُ |
وَمُكَدَّمٌ في عانَةٍ جزأت | حَتّى يُهَيِّجَ شَأوَها الوِردُ |
فتناثرت دِرَرُ الشُؤونِ عَلى | خَدّى كَما يَتَناثَرُ العِقدُ |
أَو نَضحُ عَزلاءِ الشَعيبِ وَقَد | راحَ العَسيف بِملئِها يَعدو |
لَهَفي عَلى دَعدٍ وَما حفَلت | إِلّا بحرِّ تلَهُّفي دَعدُ |
بَيضاءُ قَد لَبِسَ الأَديمُ أديم | الحُسنِ فهو لِجِلدِها جِلدُ |
وَيَزينُ فَودَيها إِذا حَسَرَت | ضافي الغَدائِرِ فاحِمٌ جَعدُ |
فَالوَجهُ مثل الصُبحِ مبيضٌ | والشعر مِثلَ اللَيلِ مُسوَدُّ |
ضِدّانِ لِما اسْتُجْمِعا حَسُنا | وَالضِدُّ يُظهِرُ حُسنَهُ الضِدُّ |
وَجَبينُها صَلتٌ وَحاجِبها | شَختُ المَخَطِّ أَزَجُّ مُمتَدُّ |
وَكَأَنَّها وَسنى إِذا نَظَرَت | أَو مُدنَفٌ لَمّا يُفِق بَعدُ |
بِفتورِ عَينٍ ما بِها رَمَدٌ | وَبِها تُداوى الأَعيُنُ الرُمدُ |
وَتُريكَ عِرنيناً به شَمَمٌ | وتُريك خَدّاً لَونُهُ الوَردُ |
وَتُجيلُ مِسواكَ الأَراكِ عَلى | رَتلٍ كَأَنَّ رُضابَهُ الشَهدُ |
والجِيدُ منها جيدُ جازئةٍ | تعطو إذا ما طالها المَردُ |
وَكَأَنَّما سُقِيَت تَرائِبُها | وَالنَحرُ ماءَ الحُسنِ إِذ تَبدو |
وَاِمتَدَّ مِن أَعضادِها قَصَبٌ | فَعمٌ زهتهُ مَرافِقٌ دُردُ |
وَلَها بَنانٌ لَو أَرَدتَ لَهُ | عَقداً بِكَفِّكَ أَمكَنُ العَقدُ |
وَالمِعصمان فَما يُرى لَهُما | مِن نَعمَةٍ وَبَضاضَةٍ زَندُ |
وَالبَطنُ مَطوِيٌّ كَما طُوِيَت | بيضُ الرِياطِ يَصونُها المَلدُ |
وَبِخَصرِها هَيَفٌ يُزَيِّنُهُ | فَإِذا تَنوءُ يَكادُ يَنقَدُّ |
وَالتَفَّ فَخذاها وَفَوقَهُما | كَفَلٌ كدِعصِ الرمل مُشتَدُّ |
فَنهوضُها مَثنىً إِذا نَهَضت | مِن ثِقلَهِ وَقُعودها فَردُ |
وَالساقِ خَرعَبَةٌ مُنَعَّمَةٌ | عَبِلَت فَطَوقُ الحَجلِ مُنسَدُّ |
وَالكَعبُ أَدرَمُ لا يَبينُ لَهُ | حَجمً وَلَيسَ لِرَأسِهِ حَدُّ |
وَمَشَت عَلى قَدمَينِ خُصِّرتا | واُلينَتا فَتَكامَلَ القَدُّ |
إِن لَم يَكُن وَصلٌ لَدَيكِ لَنا | يَشفى الصَبابَةَ فَليَكُن وَعدُ |
قَد كانَ أَورَقَ وَصلَكُم زَمَناً | فَذَوَى الوِصال وَأَورَقَ الصَدُّ |
لِلَّهِ أشواقي إِذا نَزَحَت | دارٌ بِنا ونوىً بِكُم تَعدو |
إِن تُتهِمي فَتَهامَةٌ وَطني | أَو تُنجِدي يكنِ الهَوى نَجدُ |
وَزَعَمتِ أَنَّكِ تضمُرينَ لَنا | وُدّاً فَهَلّا يَنفَعُ الوُدُّ |
وَإِذا المُحِبُّ شَكا الصُدودَ فلَم | يُعطَف عَلَيهِ فَقَتلُهُ عَمدُ |
تَختَصُّها بِالحُبِّ وُهيَ على | ما لا نُحِبُّ فَهكَذا الوَجدُ |
أوَ ما تَرى طِمرَيَّ بَينَهُما | رَجُلٌ أَلَحَّ بِهَزلِهِ الجِدُّ |
فَالسَيفُ يَقطَعُ وَهُوَ ذو صَدَأٍ | وَالنَصلُ يَفري الهامَ لا الغِمدُ |
هَل تَنفَعَنَّ السَيفَ حِليَتُهُ | يَومَ الجِلادِ إِذا نَبا الحَدُّ |
وَلَقَد عَلِمتِ بِأَنَّني رَجُلٌ | في الصالِحاتِ أَروحُ أَو أَغدو |
بَردٌ عَلى الأَدنى وَمَرحَمَةٌ | وَعَلى الحَوادِثِ مارِنٌ جَلدُ |
مَنَعَ المَطامِعَ أن تُثَلِّمَني | أَنّي لِمَعوَلِها صَفاً صَلدُ |
فَأَظلُّ حُرّاً مِن مَذّلَّتِها | وَالحُرُّ حينَ يُطيعُها عَبدُ |
آلَيتُ أَمدَحُ مقرفاً أبَداً | يَبقى المَديحُ وَيَذهَبُ الرفدُ |
هَيهاتَ يأبى ذاكَ لي سَلَفٌ | خَمَدوا وَلَم يَخمُد لَهُم مَجدُ |
وَالجَدُّ حارثُ وَالبَنون هُمُ | فَزَكا البَنون وَأَنجَبَ الجَدُّ |
ولَئِن قَفَوتُ حَميدَ فَعلِهِمُ | بِذَميم فِعلي إِنَّني وَغدُ |
أَجمِل إِذا طالبتَ في طَلَبٍ | فَالجِدُّ يُغني عَنكَ لا الجَدُّ |
وإذا صَبَرتَ لجهد نازلةٍ | فكأنّه ما مَسَّكَ الجَهدُ |
وَطَريدِ لَيلٍ قادهُ سَغَبٌ | وَهناً إِلَيَّ وَساقَهُ بَردُ |
أَوسَعتُ جُهدَ بَشاشَةٍ وَقِرىً | وَعَلى الكَريمِ لِضَيفِهِ الجُهدُ |
فَتَصَرَّمَ المَشتي وَمَنزِلُهُ | رَحبٌ لَدَيَّ وَعَيشُهُ رَغدُ |
ثُمَّ انثنى وَرِداوُّهُ نِعَمٌ | أَسدَيتُها وَرِدائِيَ الحَمدُ |
لِيَكُن لَدَيكَ لِسائِلٍ فَرَجٌ | إِن لِم يَكُن فَليَحسُن الرَدُّ |
يا لَيتَ شِعري بَعدَ ذَلِكُمُ | ومحارُ كُلِّ مُؤَمِّلٍ لَحدُ |
أَصَريعُ كَلمٍ أَم صَريعُ ردى | أَودى فَلَيسَ مِنَ الرَدى بُدُّ |