حدثوا في حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: "أشعر بيت قالته العرب قول دريد ابن الصمة:
قليل التشكي للمصيبات ذاكر *** من اليوم أعقاب الأحاديث في غد
وقيل: قول أبي ذؤيب:
والنّفس راغبة إذا رغبتها *** وإذا ترد إلى قليل تقنع
وقيل: قول زهير:
فلما وردن المساء زُرْقًا جمامُه *** وضعن عصيَّ الحاضر المتخيعم
وقيل: قول الآخر:
صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه *** فلما علاه قال للباطل ابعد
وقيل: قول لبيد:
وأكذب النفس إذا حدثتها *** إن صدق النفس يزري بالأمل
وقيل: قول امرؤ القيس:
ألا يا لهفَ هندٍ إثْرَ قومٍ *** همُ كانوا الشفاء فلم يصابوا
وقاهُمْ جَدُّهُم ببني أبيهِم *** وبالأشقّين ما كان العقاب
وأفْلتهنَّ عِلْباءٌ جريضا *** ولوْ أدركنه صَفِرَ الوِطاب
وقيل: بل قوله:
اللهُ أنجَحُ ما طلبْتَ به *** والبِرّ خيرُ حقيبةِ الرَّحْلِ
وقوله أيضًا:
وإنك لم يفخر عليك كفاخر *** ضعيف ولم يغلبك مثل مغلَّب
لله الأمر من قبل ومن بعد.
وأحسن بيت قالته العرب قول كعب بن زهير في النبي صلى الله عليه وسلم:
تحملهُ الناقةُ الأدماءُ معتجرًا *** بالبُرْدِ كالبدر جليّ ليلة الظلمِ
وفي عِطافَيْهِ أو أثناء بردته *** ما يعلم الله من دين ومن كرم
وقيل: قول الآخر من الخزانة فيه صلى الله عليه وسلم:
فشَقَّ له من اسمه ليُجلَّه *** فذو العرش محمود وهذا محمد
وقيل: أحسن ما قالته العرب قول التميمي:
ما كلف الله نفسًا فوق طاقتها *** ولا تجود يد إلاّ بما تجد
وقول المرقش:
ومن يلق خيرًا يحمد الناس أمره *** ومن يغْوِ لا يعدم على الغي لائما
وقول الآخر:
ألا عائذ بالله من عدم الغنى *** ومن رغب يومًا إلى غير راغب
لله الأمر من قبل ومن بعد.
وأصدق بيت قالته العرب قول الشاعر:
وما حملت ناقة فوق رحلها *** أبَرَّ وأوفى ذمة من محمد
وقيل: قول أبي ذؤيب:
والنفس راغبة إذا رغبتها *** وإذا ترد إلى قليل تقنع
وقيل: قول الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه *** لا يذهب العُرف بين الله والناس
وقول طرفة:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا *** ويأتيك بالأخبار من لم تزود
"وكان صلى الله عليه وسلم يذكره ويقول: "ويأتيك بالأخبار من لم تزوده بالأخبار". ويقول عليه السلام: التركيب أو المعنى واحد، فيقول أبو بكر رضي الله عنه: أشهد أنك رسول الله، وقد قال الله تعالى: {وما علمناه الشعر} رجع".
وقيل: قول امرئ القيس:
الله أنجح ما طلبت به *** والبر خير حقيبة الرجل
واعلم أن هذا الخلاف في هذه الأبيات وكذا في هذه التراجم ليس اختلاف تناقض، فإنها كلها صحيحة، وإنما ذلك أن كلًا يتكلم بما عرف أو بما حضر في فكره فافهم.
لله الأمر من قبل ومن بعد.
أكذب بيت قالته العرب قول الأعشى:
لو أسندت ميتًا إلى صدرها *** عاش ولم ينقل إلى قابر
حتى يقول الناس ممّا رأوْا *** يا عجبا للمَيِّتِ الناشر
وقيل: قول مهلهل:
فلولا الريح أسمع من بنجد *** صليل البَيْض تُقرع بالذكور
لله الأمر من قبل ومن بعد.
أنصف بيت قالته العرب قول سيدنا حسان رضي الله عنه:
أتهجوه ولست له بكفءٍ *** فشرّكما لخيرِكما الفداء
ومن ذلك قول الآخر:
بكلّ قرارةٍ منّا ومنهم *** بَنانُ فتىً وجمجمةُ فَلِيقُ
فأشبعنا الضباع وأشبعوها *** فراحت كلها تئق تفوق
قتلنا الفارس الوضاح منهمْ *** كأن فروع لمّتِه العُذوق
أبكينا نساءهم وأبكوا *** نساء ما يسوغ لهن ريق
وقول الآخر:
نطاعنهم نستودع البيض فيهم *** ويستودعونا السمهري المقوما
لله الأمر من قبل ومن بعد.
أفخر بيت قالته العرب قول "الشاعر وينسب" لحسان في النبي صلى الله عليه وسلم:
له همم لا منتهى لكبارها *** وهمته الصغرى أجل من الدهر
له راحة لو أن معشار جودها *** على البر كان البر أندى من البحر
و"قيل": قول امرئ القيس:
ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة *** كفاني ولم أطلب قليل من المال
ولكنما أسعى لمجد مؤثّل *** وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
وقيل: قول الفرزدق:
ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا *** وإن نحن أومأنا إلى الناس وقَّفُوا
ونحوه قول جرير:
إذا غضبت عليك بنو تميم *** وجدت الناس كلهم غضابا
لله الأمر من قبل ومن بعد.
أمدح بيت قالته العرب قول الخنساء رحمها الله:
وإن صخرًا لتأتمُّ الهداة به *** كأنه علم في رأسه نار
وقيل: قول زهير:
تراه إذا ما جئته متهللًا *** كأنك معطيه الذي أنت سائله
وقيل: قول جرير:
ألستم خير من ركب المطايا *** وأندى العالمين بطون راح
وقيل: قول الأخطل:
شُمسُ العداوةِ حتى يُستقادَ لهم *** وأعظم الناس أحلامًا إذا قدروا
وقيل: قول حسان رضي الله عنه في بني جفنة:
يُغشَوْنُ حتى ما تهر كلابهم *** لا يسألون عن السواد المقبل
وقيل: قول الأعشى:
فتى لو ينادي الشمس ألقت قناعها *** أو القمر الساري لألقى المقالدا
قوله: ينادي الشمس أي يجالسها في نَدِيٍّ.
وقيل: قول أبي الطمحان القيني:
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم *** دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه
أهجى بيت قالته العرب
أهجى بيت قالته العرب قول الأعشى:
تبيتون في المشتى مِلاءٍ بطونكم *** وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا
وقيل: قول الأخطل:
قوم إذا نبح الأضياف كلبهم *** قالوا لأمهم: بولي على النار
فتمسك البول بخلًا أن تجود به *** فما تبول لهم إلاّ بمقدار
وقيل: قول حسان رضي الله عنه:
لا بأس بالقوم من طول ومن قصر *** جسم البغال وأحلام العصافير
وقيل: قول زياد الأعجم:
قالوا: الأشاقر تهجوني فقلت لهم: *** ما كنت أحسبهم كانوا ولا خلقوا
"وقيل: قول أوس:
لعمرك ما تبلى سرابيل عامر *** من اللؤم ما دامت عليها جلودها
وقيل: قول الطرماح:
تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا *** ولو سلكت سبل المكارم ضلت
وقيل: قول الفرزدق:
أنتم قرارة كل معدن سوأة *** ولكل سائلة تسيل قرارُ
لله الأمر من قبل ومن بعد.
أشعر بيت قالته العرب قول العباس بن مرداس:
أشد على الكتيبة لا أبالي *** أحتفي كان فيها أم سواها
وقيل: قول عنترة:
وإني لدى الحرب العوان موكل *** بتقديم نفس لا أريد بقاءها
وقيل قوله:
إنَّ المنية لو تمثل مثلت *** مثلي إذا نزلوا بضنك المنزل
وقيل قول الآخر:
دعوت بني قحافة فاستجابوا *** فقلت: ردوا فقد طاب الورود
لله الأمر من قبل ومن بعد.
أشعر بيت قيل في وصف الجبان قول جرير:
ما زلت تحسب كل شيء بعدهم *** خيلًا تكرّ عليكم ورجالا
وقيل قول الشاعر:
طليق الله لم يمنن عليه *** أبو داود وابن أبي كبير
ولا الحجاج عينَيْ بنتِ ماءٍ *** تقلب طرفها حذَرَ الصقور
نصب عيني على الذم.
ومن هذا قول الطرماح:
ولو أن برغوثًا على ظهر قملة *** يكر على صفّيْ تميم لولّت
لله الأمر من قبل ومن بعد.
أشعر بيت قيل في الاستحقار أشعر بيت قيل في الاستحقار قول الحطيئة:
فمن أنتم إنا نسينا من أنتم *** وريحكم من أي ريح الأعاصر
وأنتم أُلى جئتم مع البقل والدبى *** فطار وهذا شخصكم غير طائر
أي الذين جئتم مع البقل والدبى جمع دباة بفتحتين.
وقيل: قول جرير:
فإنك لو رأيت عبيد تيم *** وتيمًا قلت: أيهم العبيد؟
ويقضى الأمر حين تغيب تيم *** ولا يستأذنون وهم شهود
وقيل: قول الطرماح:
لو كان يخفى على الرحمان من أحد *** من خلقه خفيت عنه بنو أسد
"ولما قتل جعفر بن يحيى البرمكي بكى عليه أبو نؤاس فقيل له: أتبكيه وقد هجوته؟ فقال: ذلك لركوب الهوى بالله "كذا" بلغه أني قلت:
ولست وإن أطنبت في وصف جعفر *** بأول إنسان خرا في ثيابه
فكتب: يدفع إليه عشرة آلاف درهم يغسل بها ثيابه.
وقال ابن الأعرابيّ: أهجى بيت قال المحدثون قول محمد بن وهب في محمد بن هشام:
لم يند كفاك من بذل النوال كما *** لم يند سيفك، مذ قلدته، بدم
وقال الصفي الحلي:
إني مدحتك كي أجيد قريحتي *** وعلمت أن المدح فيك يضيع
لكن رأيت المسك عند فساده *** يدنوهُ من بيت الخلا فيضوع
وقال آخر:
إذا رمت هجوًا من فلان تصدني *** خلائق سوء عنه لا تتزحزح
تجاوز قدر المدح حتى كأنه *** بأقبح ما يهجى به الناس يمدح
وقال غيره في مأنوف:
رأينا للئيم جدار أنف *** يضاهي في تشامخه الجبالا
تصدر للهلال لكي يراه *** ولولا أنفه لرأى الهلالا
ويلتحق كثير من الهجاء بهذا الباب كقول جرير:
لو أن تغلب جمعت أحسابها *** يوم التفاخر لم تزن مثقالا
وكقوله فيها:
والتغلبيّ إذا تنحنح للقرى *** حك أسته وتمثّل الأمثالا
لله الأمر من قبل ومن بعد.
أكرم بيت قالته العرب قول طرفة:
وأعسر أحيانًا فتشتد عسرتي *** وأدرك ميسور الغنى ومعي عرضي
وقيل: قول كثير:
إذ قلّ مالي زاد عرضي كرامةً *** عليَّ ولم أتبع دقيق المطامع
وقيل: قول عنترة:
ولقد أبيت على الطوى وأظلّه *** حتى أنال به كريم المأكل
وقيل: قول كعب بن مالك رضي الله عنه:
نُسوِّد ذا المال القليل إذا بدت *** مروءته فينا وإن كان معدما