لقد قرن الله عز شأنه الود بالرحمة فلا يكفي أن يكون الزوج محباً لزوجته عاشقاً لها من دون أن يملأ قلبه بالرحمة بها , والإحسان إليها قولاً وعملاً,ولم يجعل الله الرجال قوامون على النساء ليتحكموا بهن بل ليأخذوا بأيديهن وذلك بما فضل الله بعضهم على بعض , سواءً في القوة أو الإنفاق,أو غيرها من الأمور .
وهذا لا يعني أن هناك أفضلية مطلقة , فقد نجد امرأة تنفق على زوجها , ونجد امرأة تحمي زوجها وهي في حالات بسيطة .
أنا أنت وأنت أنا ,, كلانا روحان سكنا بدناً
وليتخيل الزوج كيف هو حال الصراع الدائم في هذا الجسد الذي يضم روحه وروح زوجته , إن كان في حالة صراع وشقاء حتى على اتفه الأمور وأبسطها .
في مؤسسة الزواج القائمة على مبدأ الشراكة المقدسة والميثاق الغليظ, أعطى الله الرجل بعض الحقوق على زوجته فكما لهن مثل الذي عليهن فإن للرجال عليهن درجة, مثل حقهم في الاستئذان والطاعة في غير معصية , كأن يمنعها من شيء لمصلحة يراها ولا تراها , وهناك من النساء من تمتثل لهذه الحقوق وتقوم بها عن رغبة ورضا , إلا أن هناك من الرجال من يحيل حياته الزوجية إلى ثكنة عسكرية فيتحول الأمر إلى تسلط وفرض رأي بالقوة , وهو ما حدا ببعض النساء إلى طلب الطلاق , أو الاستمرار مع مشاكل وضغوط نفسية لا تنتهي , على أمل الإصلاح وحبا في الحفاظ على شكل الأسرة وتماسكها وخوفاً من تأثر الأبناء فتضطر أن تتحمل وتصبر .
أنا أنت وأنت أنا ,, كلانا روحان سكنا بدناً
بعض الرجال يرى أن رجولته تهان أمام امرأته إن لم يكن صارماً معها , شديداً في تهذيبها , مكرراً عبارات النصح والأوامر التي لا تنتهي وكأنه يتحدث إلى جارية تحت يده , لا امرأة تشاركه جنته .
الرجولة الحقه هي في الصبر على الزوجات من مبدأ "إن كره منها خُلقا رضي منها آخر" لأن الكمال لله سبحانه وتعالى ولن يجده في كل ما حوله ولا حتى في نفسه هو , وأن يراعي وصية نبيه فيها (استوصوا بالنساء خيراً) , ولا يعني موافقة الرجل لزوجته في أمر دنيوي أنه انتقاص له بل كرم أخلاق وحلم خصوصاً إن كان هذا الأمر لا يخالف شريعة ولا يضر بواجبات فالنساء (يغلبن الكرام , ويغلبهن اللئام) , والمرأة قد تنسى الرجل الكريم المال, والشجاع, لكنها أبداً لا تنسى "كريم الأخلاق وطيب المعشر" لأن كريم المال أغدق عليها ما تطمح له نفسها من معاش ولباس , والشجاع حماها , لكن كريم الأخلاق أختطف قلبها وامتلك مشاعرها .
تسلط بعض الأزواج له تفسير واحد , وهو التنشئة والبيئة التي عاش فيها , فالرجل الذي عاش في منزل يصادر حق المرأة , أو ينظر إليها أنها من سقط المتاع , أو سلعة اشتراها بماله وله حق التصرف فيها , هو بالطبع سينشأ على هذه الفكرة التي كونها , وسيصبح تسلطه شيء مكتسب لا يمكن التخلص منه بسهولة .
لذلك العلاج النفسي والتثقيفي مهم لهؤلاء الأشخاص , لأنهم لا يدمرون أنفسهم فقط , بل يدمرون أسرة كاملة , فالتسلط الذي يمارسه الزوج على الزوجة ينعكس تأثيره على الأبناء , الذين ينظرون لوالدتهم بنظرتين , الأولى: نظرة شفقة وهذا طبيعي , والثانية: نظرة خالية من الاحترام , بل قد تجبر بعضهم إلى الاستهانة بما تقوله هذه الأم , لذلك تجد تلك البيوت ممتلئة فوضوية ولا تنتظم إلا بوجود المنظم وهو الزوج المتسلط , لأن النظام هنا عن خوف وليس عن تربية مشتركة .
لو نظر الأزواج لمسألة التسلط على أنها مشكلة حقيقية لا تفقد البيت الأسري جو الحب والود والراحة فقط , بل تحيله إلى بيت من الأجساد المبرمجة التي لا تملك الرأي ولا تعرف التصرف لعرفوا أن الشراكة لا تؤسس على أسس من التعنت والدكتاتورية بل على أسس الاحترام والمودة والرحمة فالحياة الزوجية ليست فقط حياة شخصين ارتبطا بعقد نكاح صوري , بل هي حياة تربط بين قلبين يترتب عليها مصير مستقبل لهما فإما نعيم دائم أو معيشة لا تطاق , قلوب متنافرة أو بالأصح ميتة المشاعر بسبب قسوة وتسلط الشريك.
أيها الأزواج أحيوا هذه القلوب بفتح صفحات جديدة مع من تشاركونهم حياتكم, فالقلوب مثل الأراضي الجدباء إن أحياها المطر تحولت خضراء يانعة تدب فيها الحياة وتثمر بالعطاء والاستمرارية .