أخي الحبيب :
أقبلت علينا الدنيا بزخارفها , وانظر حت كبغي بين أيدينا بزينتها , فأقبلنا نتهارش عليها ونتنافس على حطامها , وما أرانا أوتينا إلامن قبلها , فقد أشربت بحبها قلوبنا , وتعلقت بها جوارحنا , وامتزجت بمتعها أرواحنا , فأشغلت الكثير منا , فصدف عن التزود للآخرة منها , والتاع يلهث منها لها , ومن شهواتها ليتمتع بها , وينعم بما فيها , فهي تتزين بشهواتها , وتتحلى بملذاتها لكي تخدعه بفتنها وتضله بمغرياتها , فينسى بها لقاء الله , ويغفل بالاستكثار منها عن التزود لأخراه , وينشغل بها عن ما أعدهله بتركها خالقه ومولاه. فالله تعالى يعطي الدنيا من يحب ومن لايحب ولا يهب الدين إلالمن يحب .
والعليم بها يحذرنا منها فيقول { فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور }
احذر من الدنيا ولا تغتر بالعمر القصير
وانظر إلى آثارمن صرعته منا بالغرور
عمروا وشادوا ما تراه من المنازل والقصور
وتحولوا من بعد سكناها إلى سكنى القبور
فواعجبا .. وليس ينتهي العجب ...!!
من إقبالنا نحوها , وتنافسنا عليها , بالرغم من مكرها بنا وتغريرها لنا !! مع أنه زهدنا
فيها من خلقها وسواها , فكيف ترغب بها قلوبنا ؟!
وحذرنا منها من هو أعلم منا بها , فكيف نأمن جانبها ونركن لها ونسلم قلوبنا إليها ؟!
وبين لنا ربنا بجلاء ليس فيه خفاء معايبها ومثالبها , فكيف تعمى أبصارنا عن مساويها وننسى دواهيها ؟!
تنبهوا يارقود إلى متى ذا الجمود ؟
فهذه الدار جمع يفني , ومال يــبــيــد
الخير فيها قليل والشر فــيهــــا عــتيــد
والعمر ينقص فيها وسيئـــاتـــي تـــزيــــد
فاستكثروا الزاد فيها إن الطـــريــق بـــعــــيد
ولست لفرط تحذيري منها وتزهيدي لك فيها , أحرم عليك حلالها وأمنعك من المشي في مناكبها .