برسيب جنوب جرابلس.. عاصمة أكبر مملكة آرامية في شمال سورية
وقالت الصحيفة تقع أطلال المملكة حاليا على بعد 20 كم جنوبي جرابلس عند التقاء الساجور بالفرات إلى الجنوب من الحدود السورية التركية والقرية الحالية التي تعرف باسم تل أحمر تتوضع في الجزء الجنوبي منه بينما يرتفع التل الأثري عند حافة السهل الفيضي لنهر الفرات وهو السهل الذي غمر بمياه بحيرة سد تشرين.
واضافت يأخذ التل شكلا نصف دائريا بقطر يصل طوله إلى نحو 1200م وبمساحة 60 هكتارا ويشتمل على ثلاثة أقسام التل الرئيسي أو القلعة والمدينة الوسطى وهي مرتفع طبيعي مسطح إلى الغرب من القلعة ثم المدينة السفلى التي تشغل القسم الشمالي الأكبر.
واشارت الصحيفة الى أن النقوش المسمارية الاشورية دلت على أن الاسم القديم للمدينة التي كانت قائمة في تل الأحمر في الألف الأول قبل الميلاد هو تل بارسب وكتب أحيانا بصيغة تربوسبا.
ووفقا للمصادر فإن أول ذكر لموقع تل برسيب يعود لفترة شلمناصر الثالث 858-823 ق.م وكان الموقع خلال هذه الفترة عاصمة مملكة بيت عديني الآرامية التي بسطت نفوذها على ضفتي الفرات وبالتالي كانت للآشوريين المدخل الرئيسي لسورية في الشمال وكان هذا الملك قد فشل في المرة الأولى ببسط سيطرته على تل برسيب إلا أنه تمكن من ذلك في المحاولة الثانية عام 856 ق.م وسقطت العاصمة بيد الآشوريين وعمدوا إلى بناء القصور وتغيير الاسم من تل برسيب/ تل أحمر إلى كار شلمناصر التي تعني بوابة شلمناصر.
واوضحت الصحيفة انه في أحد نقوشه يقول الملك الآشوري شلمناصر الثالث أنه في اليوم الثالث عشر من أيار من سنة حكم آشور بيلا كائين غادرت نينوى عبرت نهر دجلة وسرت محاذيا جبل خاسمو ودخنونو وتوجهت إلى مدينة تل برسيب المدينة المحصنة لأخوني رجل بيت عديني حاصرتها فعجز عن مواجهة سلاحي البراق العاصف عبر الفرات حين كان فائضا ولكي ينقذ حياته عبر إلى أرض أجنبية ولكن بجيش الإله آشور السيد العظيم حاصرت مدن تل برسيب وألليجو ونابيجو وروجولوتي واسكنت فيها آشوريين وأسست فيها قصورا كمقر لإقامتي أعدت تسمية تل برسيب فصارت كارشولمانو/أشاريد ثم كار شلمناصر.
وتابعت الصحيفة تشير نصوص الدولة الحثية الحديثة المدونة باللغة اللوفيانية والمكتشفة في تل الأحمر ومواقع أخرى إلى أن الحثيين كانوا يطلقون اسم ماسواري على هذه المدينة وفي العصور الهيلنستية أخذ اسم المدينة نفسها صيغة بيرسبا ولايزال الاسم الأقدم للمدينة خلال العصور البرونزية غير معروف حتى الآن.
واضافت الصحيفة ان مطلع الألف الأول قبل الميلاد شهد ظهور عدد من الدويلات الآرامية في شمال سورية خلال القرنين العاشر والتاسع وأصبحت مدينة تل بارسيب في تل الأحمر مركزا لإحدى تلك الدويلات التي عرفت باسم بيت أديني عرف مؤسس السلالة الحاكمة في تل بارسيب آنذاك حاباتيلاس وكان من ذريته حامياتاس الذي أعقبه في الحكم ومن مخلفات حامياتاس التي اكتشفت في القطاع/سي/ من الموقع لوح حجري كبير منقوش بنص هيروغليفي باللغة اللوفيانية وكان قد أعيد استعماله ليكون عتبة لإحد المداخل في بناية آشورية كبيرة.
ووفقا لمديرية آثار حلب فإن تل أحمر كانت عاصمة لأكبر مملكة آرامية في شمال سورية وهو ما يفسر الضغط العسكري المستمر عليها من ملوك آشور منذ أواخر القرن الحادي عشر قبل الميلاد إلا أنها بقيت صامدة في وجه حملاتهم المستمرة حتى عهد شلمنصر الثالث ملك الآشوريين فعلى الرغم من أوج سيطرة برسيب مملكة بيت عديني والتي اعتبرت من أوسع الممالك الآرامية ووصلت الى البليخ شرقا إلا أنها وقعت في قبضة شلمنصر وقد كان آخر ملك محلي مستقل في تل برسيب اسمه أخوني الذي أبعده الملك شلمنصر في عام 856 ق.م حينما استولى على المدينة وحولها إلى عاصمة محلية تابعة للدولة الآشورية وما يعرف عن بيت عديني إن ملك آشور هذا قد قام بتدميرها سنة 856 ق.م وأصبحت ولاية أشورية وتم تدمير أبنية الحاضرة الآرامية نتيجة هذه السيطرة الآشورية على أهم الممالك الآرامية.
وكشفت الصحيفة ان اعمال التنقيب في التل تعود الى سنة 1929 أما أعمال التنقيب الإنقاذية اللاحقة فقد بدأت سنة 1988 م على أيدي بعثة أثرية أسترالية لإنقاذ هذا التل من غمر سد تشرين ومازالت تعمل في الموقع بشكل سنوي.
وقالت الصحيفة أسفرت الجهود الأثرية المختلفة في المنطقة حتى الآن عن اكتشاف سويات أثرية غنية ومتنوعة تمتد من عصر العبيد الألف الخامس قبل الميلاد مرورا بالعصر البرونزي القديم والوسيط والحديث وعصر الحديد وصولا إلى العصر الهلنستي.
واضافت شملت الأعمال ثمانية قطاعات في أرجاء مختلفة من الموقع وخصص المنقبون حرفا لاتينيا لكل واحد من هذه القطاعات من الحرف/ا/الى/اتش/وحفر مجس لسبر الطبقات في الجهة الجنوبية الشرقية من القلعة رمز له بالحرف اللاتيني اس وكان القطاع الوحيد الذي تم التوسع في التنقيب به هو القطاع سي في الطرف الغربي من الموقع.