لا يعرف الباحثون أصل استعمال كلمة مقامة , إذ يرجع بعضهم إلى الشعر الجاهلي فيجدها قد استُخدِمَت بمعنى المجالس ويستشهدون ببيت شعرٍ لزهير بن أبي سلمى :
وفيهم مقاماتٌ حسانٌ وجوهها
وأنديةٌ ينتابها القولُ والفعلُ
ثم توسع العرب في معنى الكلمة فبدأو يطلقونها على خطبهم وأحاديثهم التي يقولونها في مجالسهم . ويستخدم بديع الزمان الهمذاني وهو رائد كتابة المقامة يستخدم هذه الكلمة في رسائله بمعنى المجالس .
أما بعض الباحثين المعاصرين فيُعرِّفون المقامة بأنها القصص القصيرة التي يضع فيها الكاتب ما يشاء من فكرة أدبية أو فلسفية- أو خطرة وجدانية- أو لمحة من لمحات الدعابة والمجون .
هناك من يُعرَّفها بأنها أحاديث أدبية لغوية يلقيها أحد الرواة على جماعة من الناس بقالب قصصي يقصد فيه الى التسلية والتشويق وليس الى تأليف القصة والتحليل .
إذًا هناك بعض مقومات القصة في المقامات , لكننا لانستطيع اعتبار المقامة قصة , فهدف المقامة هو هدف لغوي تعليمي . وقد قصد بديع الزمان الهمذاني بكتابة المقامة من أجل تعليم الجيل الجديد مفردات اللغة العربية .
بطل المقامة هو انسان يحترف الكدية .
* الكدية هي نوع من أنواع التسول الأدبي , يلجأ فيها الكاتب في سؤال الناس , يستعمل حيلة لطيفة تعتمد على الذكاء .
بكل مجموعة مقامات بطل خاص بها , فبطل مقامات الهمذاني هو " أبو الفتح الإسكندري " الذي يصور في تلك المقامات كشاعر خفيف الظل , صاحب قدرة إرتجال ملما بأنواع من الحيل , يُسخِّر هذه الحيل من أجل ان ينال عطاء الناس .
أما راوية أخبار أبو الفتح الإسكندري فهو عيسى بن هشام , أما بطل مقامات الحريري فهو أبو زيد السروجي , أما راويته فهو الحارث بن همام .
يجب علينا أن نلاحظ أن الجانب التصويري في المقامات ضعيف , وذلك يرجع إلى اهتمام أصحاب المقامات باللغة , لكن فوائد المقامة إلى جانب الفائدة اللغوية , هو تسليط الضوء على طبيعة الحياة الإجتماعية والفكرية والإقتصادية في ذلك الوقت .