مدينتي .. ..
بعد غياب طويل ..
عن شوراع مدينتي..
بعد غياب طويل عن صوت الزمامير..
وعن حركة السيارات الغريبة..
نزلت أليها..
بعد غياب طويل..
عن رؤية زواياها المهملة..
وقد نبت فيها ورق أخضر..
لا ينتظر أحداً يزرعه أو يسقيه..
يحب أن يراقب ساكنيها..
ويتأمل فوضتها..
التي لا تشبه أي فوضى..
فهي مدينتي الجميلة..
هي زينتها المبعثرة..
نزلت إليها..
بعد غياب..
بعمر غيابك عني..
لأرى لون السماء.. لم يتغير
وأرى الناس ما تزال تمشي وتراقب وتتكلم..
وأرى أن مواعيد الصلاة..
ومواعيد العشاق..
ومواعيد الأسواق..
لم تتغير..
وصادفت فتياتٍ صغيراتْ..
كن في باحة مدرستي يلعبن ويرسمن..
صرن نساء صغيرات..
وصادفت صبيةً أشقياء..
كانوا في حارة بيتي يلعبون ويركضون..
صاروا رجالاً وشباب..
بعد غياب طويل..
بعمر غيابك عني..
نزلت الى شوارع مدينتي..
مشيت وركضت و وقفت لساعات فيها..
وعرفت أن مدينتي لم تحزن لحزني..
فهي بدوني لم تذبل..
وفي بعدي لم تتعب..
بل هي كما عهدتها..
تزيد في عمر الهموم..
وفي تجاعيد الوجوه..
وتسمح للأيام أن تمضي..
ولا تسمح للدنيا أن تقف عند ألمي..
ولم تبدل ألوان ساحاتها..
أو شبابيك بيوتها..
أو زينة أعيادها..
أو طقوس مسيراتها..
معذورة مدينتي..
معذورة حاراتها وسورها وعصافيرها..
معذورة هي..
إن لم تعلن الحداد لانك هجرتني..
فهي لا تحزن ولا تبكي..
إلا على عشاق حقيقيين..
وأنت يا عزيزي..
لم تكن في شوارع مدينتي إلا..
واحداً من المارة!
هلا جرجس