مسعود المدير العام
الدولة : عدد المساهمات : 14130 مدرس ممتاز
| موضوع: نحن والعصافير الخميس يناير 20, 2011 3:16 pm | |
| نحن والعصافير
" عصفورٌ واحدٌ يرتدي شجرة خيرٌ من ألفِ عصفورٍ في اليد "
قرأتُ مرةً بعد تلك المقدمة عن سيدةٍ أمريكية حَكم عليها عملُ زوجها الموفدِ لبلدٍ عربيّ بالعيش في مجتمع ٍ غريبٍ عليها والتعرض لسلوكياتٍ تستنكرُ معظمها ويصل الأمر بها مع بعضها لحدّ تجريمها
ومثال عن تلك التي جرّمتها , أورده في هذه الحادثة
لبّت دعوةً لتناول الطعام بصحبةِ زوجها مع عددٍ من رجال الدولة ورجال الاعمال وزوجاتهم وعند تقديم الطعام , رأت طبقاً من العصافير يتوسط المائدة , جزعتْ وفزعت وصرخت " أنتم متوحشون " , وأمسكتْ عن الطعام .
بعد عام دعتْ من اتخذتْ من أولئك رفيقاً لتناول الطعام في بيتها , وكان من ضمنِ الأطباق التي زينتْ المائدة , طبقاً من العصافير !
ذكرتني هذه القصة الواقعية التي قرأتها بإحدى المجلات بقصةٍ أخرى واقعية سمعتها من فم صاحبها وتروي معاناة عصافير مماثلة مع العرب ولكن في بلدٍ غير عربي " فالمشكلة ليست في الوطن بل في العربي "
كان يعمل مُخلّصاً جُمركياً في الشام , طُلبَ منه ضمنَ مجال عملهِ إحضارُ سيارةِ مرسيدس من مصنعها في ألمانيا
توجهَ إلى ألمانيا لإنجاز المَهمّة , قابلَ هناك شاباً سورياً كان قد تعرّف عليه ذات يوم في منزل صديقه في الشام
توجّها معاً لغرفةٍ استأجرها في بنسيون ريثما يتم إعلامه بجاهزية السيارةِ للتسليم
لاحظ أن شرفة الغرفةِ تؤمها يومياً أعدادٌ كبيرة ٌ من العصافير
أخبره الصديق المقيم بالبلد أن صيدَ العصافير ممنوعٌ هناك لذلك سيرى منها الكثير جداً كيفما جالَ به النظر
خطرت ببالهما فكرة , لم َ لا يكون غداءَهما اليوم طبقًا مجّانياً من العصافير !
راقت لهما الفكرة , إنما لابد من اصطيادها بطريقة لا تلفتُ الأنظار , لابد من فكرة ٍ مبتكرة ...
وبما أنهما عربيان , والعربي خيرُ من يفكر ويبتكر حين يرغب بذلك
أحضرا طبقاً فرَشاهُ بالبرغل المبلل بالويسكي , ووضعاه على الشرفة وانتظرا
وماهي إلا دقائق وحطتْ عشراتُ العصافير على الطبقِ تلتهم ما تظنّه رزقاً حسناً
امتلأت البطون , وحان وقت الاقلاع , لكن هيهات لعصفور ثملٍ أن يحسنَ الطيران .. تساقطت العصافير على أرض الشرفة ثملة قام الشابان المنتشيان المزهوان بنجاح الخطة بجمعها , ومَصع ِ رقابها , ونتفها ومن ثم قليها بعد تتبيلها بالليمون والثوم
أكلا حتى امتلآ , عملا على إخفاء آثار الجريمة قدرَ المستطاع , صعدتْ الخادمة لتنظيف الغرفة , لاحظتْ الكثير من الريش الصغير في زوايا الشرفة , سألتْ , أجابها الذي يفقه الألمانية : عصافيرُ كثيرةٌ تؤمّ الشرفة , لابد أنه تساقط منها
لم تقتنع , كان عليه أن يطعمها بعض البرغل كي يضمن إرباكها
أخبرتْ إدارة البنسيون , فهاتفوا الشرطة !
جاءهم المحققون يسألون : ماسرّ هذا الريش ؟
: لابدّ أنه من العصافير التي تملأ المكان سيدي : لكن يبدو الأمر مريباً , فهذا ريشٌ صغيرٌ لايسقط من تلقاء نفسه , لازال جديداً ثم .. ماهذا الطبق ؟ " لازال طبق البرغل في الغرفة ينتظرُ الخروج للشرفة لملاقاة زوارٍ جددٍ في موعدِ الجوع القادم "
: هذا برغل ...
: أعلم أنه برغل , ولكن لماذا تخالطه رائحة الويسكي ؟
:
آآآ , نعم نعم , سيدي نحن العرب لا نشرب الويسكي ولكننا نطبخ به
:
هكذا إذن ....
طبعاُ لم تنطلِ الحيلة على المحقق , اقترب من الذي يتحدث الالمانية وقال له : ستوقّعان تعهداً بعدم التعرض للعصافير التي تظلها قوانين ألمانيا , وهذه المرّة سنعفو عنكما .
غادرَ المحققون , تخلّص الشابان من البرغل وتمددا على الأسرّة ضاحكين فكِهَين يرددان بصوت ٍ يُسيء للعصافير كما يُسيء لأسمهان :
دخلت مرة الجنينة أشمّ ريحة الزهور واهني نفسي الحزينة واسمع نشيد الطيور ياطيور ,,,,, هوهوهوهوهو ,,,,, هوهوهوهوهو ,,,, هووو ..
ثم استسلم صاحبنا للنوم ليحلم بالشرفة مزروعة عصافير ...
| |
|