يا نفس ما لي أراك تصرين على أخذ أدوار البطولة في مسرحية الخطيئة وكأنك ترين في كثرة الأدوار والممثلين في
هذه المسرحية التاريخية عرفا شرعيا يسوغ قبح ما تقدمين عليه من فعال و أقوال تحط من قدر صاحبك في الدنيا
وتكسبه فضيحة أمام جميع الخلائق في الآخرة , فلا يغرّنك هذا فكثير من الذباب يحضر ولائم الجيف الميتة , أتراك
تحسبين المال والجاه والنساء والبنين مؤنسة صاحبك في وحشة القبر إذا أساء إعمالها في حياته الدنيا أم أنك تظنين
بأن شفاعة الآخرة مهداة للناس أجمعين في يوم لا تسأل فيه الأم مريم عن أبنها المسيح عليهما السلام وكليم الله عن
أخيه هارون عليهما السلام فإذا كانت تلك حال الأنبياء وهم أهل الشرف والدرجة الرفيعة والمكانة العظيمة فمن
سيسأل عنك في ذاك الحشد المهيب وأنت ما قدمت من قرابين التقوى ما تقربك من رحمة الله زلفى وهل يجني من
يتاجر بالصفر إلا صفرا ؟؟؟!!!!, أهان عليك أن ينعت الناس صاحبك بأسوأ الألفاظ إذا رأوا منه ما ينكرون أم تحسبين
عين الرقيب غافلة عما خفي عن أعينهم , و قطار العمر يمضي سريعا وحفرة الخطر المحدق بك قد باتت تتسع يوما بعد يوم بفعل
انشغالك بالحفر عوضا عن الردم وسفينة نجاتك من الهلاك قد أوشكت أن تغرق لكثرة ما أحدث فيها من رقع وثقوب ,
فيا نفس ناشدتك الله أن تشدي الرحال إلى غير رجعة فأختك الوسطى لوامة ما زالت تأتيني في الغداة والعشي باكية
نادمة على تقصيرها تسألني الجوار والصحبة وفي جوارها يقظة من الغفلة وعودة إلى طريق الحق ورجوع عن متاهة
الباطل و أما أختك الكبرى راضية فما زالت تكابد ألم الفراق و البعد عني , ورسائل عتابها تصلني باكية كلما ذكرت
الحبيبة الفردوس أمامها , ألا يا نفس تلك تذكرة أطاع القلم أوامر البوح بها و أبحر العقل في معانيها , ودعا القلب
نجاح مآربها فأرجعي إلى بارئك راضية مرضية تهنيئن بالعيشة الرضية مع خير البرية وقدوة البشرية محمد عليه أتم
السلام و أتم التحية .....