إن التصديق بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان ولا يتم إلا بأربعة أمور :
الأول : الإيمان بأن الله تعالى عالم بكل صغيرة وكبيرة جملة وتفصيلا
(
جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ
وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (المائدة:97)
يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ
وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور ) (التغابن:4) .
الثاني : الإيمان بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء
(
مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا
فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ
يَسِيرٌ ) (الحديد:22)
( وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) (القمر:52)
الثالث : أنه لا يكون شيء في السموات ولا في الأرض إلا بإرادة الله ومشيئته
( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) (القمر:49) .
الرابع : أن الله تعالى خالق كل شيء
( قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (الرعد: 16)
( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) (الزمر:62)
وهنا
نرى أنه لا يتم الإيمان بالقدر إلا بتكميل هذه الأربعة : الإيمان بأنه
بكل شيء عليم , وأن علمه محيط بالحوادث , دقيقها وجليلها , وأنه كتب ذلك
باللوح المحفوظ , وأن جميعها واقعة بمشيئته وقدرته . ما يشاء كان وما لم
يشأ لم يكن , وأنه مع ذلك مكَّن العباد من أفعالهم فيفعلونها اختيارا
منهم بمشيئتهم وقدرتهم
قال الله تعالى
( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (التكوير:29)
وأنا أجد أن الأمر قد حسمه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- عندما قال مبينا
مذهب أهل السنة في أفعال العباد : ( والعباد فاعلون حقيقة ، والله خالق
أفعالهم , والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر والمصلي والصائم ،
وللعباد قدرة على أعمالهم ، ولهم إرادة والله خالق قدرتهم وإرادتهم ، كما
قال تعالى ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا
تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) (التكوير:29)
[/size]