منتديات صوران
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات صوران

ثقافي اجتماعي منوع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ادخلوا وتعرفوا عليهم

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عبدالرحمن حساني
المدير العام
المدير العام
عبدالرحمن حساني


الدولة : سورية
ذكر
عدد المساهمات : 3137
العمل/الترفيه المدير العام

ادخلوا وتعرفوا عليهم Empty
مُساهمةموضوع: ادخلوا وتعرفوا عليهم   ادخلوا وتعرفوا عليهم I_icon10الإثنين مارس 14, 2011 12:32 pm

أبو هريرة
اسمه ونسبه وكنيته :
اسمه في الجاهلية عبد شمس بن صخر ولما أسلم أسماه رسول الله عبد الرحمن بن
صخر الدوسي نسبة إلى قبيلة دوس.

أما سر كنيته أنه كان يرعى الغنم ومعه هرة صغيرة يعطف عليها ويضعها في
الليل في الشجر ويصحبها في النهار فكناه قومه أبا هريرة.

بعض أخباره وفضائله:
أجمع رجال الحديث على أن أبي هريرة كان أكثر الصحابة حديثا عن رسول الله
(صلى الله عليه وآله)، على حين أنه لم يصاحب النبي (صلى الله عليه وآله)
إلا عاما وتسعة أشهر - أو ثلاثة أعوام حسب بعض الروايات - وقد احتوت صحاح
أهل السنة على 5374 حديثا روى منها البخاري 446 حديثا.

أما أبو هريرة نفسه فيقول : " ما من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) أحد
أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمر، فإنه كان يكتب ولا أكتب
" (1)، وكل ما رواه ابن عمر 722 حديثا، لم يخرج منها البخاري سوى سبعة
أحاديث، ومسلم 20 حديثا.

وأما سبب كثرة مصاحبة أبو هريرة للرسول (صلى الله عليه وآله)، فقد أجاب هو
نفسه عن ذلك عندما قال: " يقولون أن أبا هريرة يكثر والله الموعد، ويقولون
ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثل أحاديثه ؟ وإن أخوتي من المهاجرين كان
يشغلهم الصفق بالأسواق وإن أخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم، وكنت
امرأ مسكينا ألزم رسول الله (صلى الله عليه وآله) على ملئ بطني. فأحضر حين
يغيبون، وأعي حين ينسون "(2).

" إن الناس كانوا يقولون أكثر أبو هريرة، وإني كنت ألزم رسول الله (صلى
الله عليه وآله) بشبع بطني حتى لا آكل الخمير، ولا ألبس الحرير، ولا يخدمني
فلان ولا فلانة.
وكنت ألصق بطني بالحصباء من الجوع وإن كنت لأستقرئ الرجل الآية هي معي كي
ينقلب بي فيطمعني، وكان أخير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب، كان ينقلب
بنا فيطعمنا ما كان في بيته حتى أن كان ليخرج إلينا العكة التي ليس فيها
شيء فنشقها فنلعق ما فيها "(3).

وقال أبو هريرة عن نفسه: "إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة، ولولا آيتان في
كتاب الله ما حدثت حديثا، ثم يتلو - (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من
البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم
اللاعنون * إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب
الرحيم)(11).

!. وقد كان يضرب به المثل في بره بأمه، وقد دعا له النبي- صلى الله عليه
وسلم - بأن يحبه الناس، فعنه - رضي الله عنه -، قال: والله ما خلق الله
مؤمناً يسمع بي إلا أحبني، قلت: وما علمك بذلك؟ قال: إن أمي كانت مشركة
وكنت أدعوها إلى الإسلام، وكانت تأبى علي فدعوتها يوماً فأسمعتني في رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - ما أكره، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - وأنا أبكي فأخبرته، وسألته أن يدعو لها، فقال: (اللهم اهد أم أبي
هريرة ). فخرجت أعدوا أبشرها، فأتيت فإذا الباب مجاف، وسمعت خضخضة الماء،
وسمعت حسي، فقالت: كما أنت، ثم فتحت، وقد لبست درعها، وعجلت عن خمارها،
فقالت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وقال: فرجعت إلى
رسول الله أبكي من الفرح؛ كما بكيت من الحزن، فأخبرته، وقلت: ادع الله أن
يحببني وأمي إلى عباده المؤمنين؟ فقال: (اللهم حبب عبدك هذا وأمه إلى عبادك
المؤمنين وحببهم إليهما). وفضائله ومناقبه كثيرة جداً.
وفاته:
عاش أبو هريرة ثمانياً وسبعين سنة.
وتوفي أبو هريرة سنة سبع وخمسين.


ترجمة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

ولادته
عبد الله بن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن، أسلم قديما مع أبيه بمكة وهو
صغير،

وقد أخرج البخاري وغيره عن نافع عن ابن عمر قال: عرضت على النبي صلى الله
عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم
الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني.

روى عن النبي صلى الله عليه وسلم علماً كثيراً، وروى عنه عدد كبير من
التابعين.

قال الذهبي: لابن عمر في مسند بقي ألفان وستمائة وثلاثون حديثا بالمكرر،
واتفقا له على مائة وثمانية وستين حديثا، وانفرد له البخاري بأحد وثمانين
حديثا، ومسلم بأحد وثلاثين.


صفته وخلقه

وكان رضي الله عنه طويلاً جسيماً.
وصفه أبو نعيم بقوله: «الزاهد في الإمرة والمراتب، الراغب في القربة
والمناقب، المتعبد المتهجد، المتتبع للأثر المتشدد، نزيل الحصباء والمساجد،
طويل الرغباء في المشاهد، يعد نفسه في الدنيا غريباً، ويرى كل ما هو آت
قريباً، المستغفر التواب».


وفاته:

عن سالم بن عبد الله: «مات أبي بمكة، ودفن بفخ سنة أربع وسبعين وهو ابن
أربع وثمانين».


منزلته وفضله:
قال أبو سلمة ابن عبد الرحمن: «مات ابن عمر، وهو في الفضل مثل أبيه».


وقال سعيد بن المسيب: «كان ابن عمر يوم مات خير من بقي».


مبادرته للطاعة عند الإشارة:

روى البخاري عنه قال: «كان الرجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
رأى رؤيا، قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت غلاماً عزباً
شاباً، فكنت أنام في المسجد، فرأيت كأن ملكين أتياني، فذهبا بي إلى النار،
فإذا هي مطوية كطي البئر، ولها قرون كقرون البئر، فرأيت فيها ناساً قد
عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار. فلقينا ملك، فقال: لن تراع.
فذكرتها لحفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «نعم
الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل»، قال: فكان بعدُ لا ينام من الليل
إلا القليل».


عبادته:
كثرة بكائه من خشية الله:



روي عن نافع بإسناد رجاله ثقات أنه قال: «كان ابن عمر إذا قرأ: {أَلَمْ
يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ} بكى
حتى يغلبه البكاء».


وعن محمد بن زيد بإسناد رجاله ثقات «أن ابن عمر كان له مهراس (وهو حجر
منقور) فيه ماء، فيصلي فيه ما قدر له، ثم يصير إلى الفراش، فيغفي إغفاءة
الطائر، ثم يقوم، فيتوضأ ويصلي، يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمسة».



وعن نافع: «كان ابن عمر لا يصوم في السفر، ولا يكاد يفطر في الحضر».


تقديمه كل شيء يعجبه لله:

عن نافع قال: «ما أعجب ابنَ عمر شيءٌ من ماله إلا قدمه، بينا هو يسير على
ناقته إذ أعجبته، فقال: إخ إخ، فأناخها، وقال: يا نافع، حط عنها الرحل،
فجللها وقلدها وجعلها في بدنه».


وعن عاصم بن محمد العمري: عن أبيه قال: «أعطى عبد الله بن جعفر ابن عمر
بنافع عشرة آلاف، فدخل على صفية امرأته، فحدثها، قالت: فما تنتظر؟ قال:
فهلا ما هو خير من ذلك، هو حر لوجه الله، فكان يخيل إلي أنه كان ينوي قول
الله: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}»
وإسناده صحيح.


ثالثاً: زهده وورعه:


قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا عبد
الله بن عمر».


قال ميمون بن مهران: «دخلت على ابن عمر، فقومت كل شيء في بيته من أثاث ما
يسوى مائة درهم».


بعده عن المناصب وبيان عظم دم المسلم:

قيل لابن عمر: «لو أقمت للناس أمرهم، فإن الناس قد رضوا بك كلهم؟ فقال لهم:
أرأيتم إن خالف رجل بالمشرق؟ قالوا: إن خالف رجل قتل، وما قتل رجل في صلاح
الأمة؟ فقال: والله ما أحب لو أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم أخذت بقائمة
رمح وأخذت بزجه، فقتل رجل من المسلمين ولي الدنيا وما فيها».


والنصوص في هذا كثيرة جداً، فقد عرضت عليه الخلافة عدة مرات ويعتذر منها
خوفاً من أن يهراق بسببه دم.



قيل لابن عمر: «ما أحد شر لأمة محمد منك؟ فقال: لِمَ؟ فوالله ما سفكت
دماءهم، ولا فرقت جماعتهم، ولا شققت عصاهم. فقيل: إنك لو شئت ما اختلف فيك
اثنان، قال: ما أحب أنها أتتني ورجل يقول: لا، وآخر يقول: بلى».


بعده عن الشبع:


عن نافع قال: «جاء رجل إلى ابن عمر بجوارش فقال: ما هذا؟ قال: هذا يهضم
الطعام، قال: إنه ليأتي علي شهر ما أشبع من الطعام فما أصنع بهذا؟»






صلته بالمجتمع:


طلبه لمحبة الناس وثواب الله:



قال ابن عمر: «إني لأخرج ومالي حاجة إلا أن أسلم على الناس، ويسلمون علي».


وعن أبي عمرو الندبي قال: «خرجت مع ابن عمر، فما لقي صغيراً ولا كبيراً إلا
سلم عليه».


وعن بشير بن يسار قال: «ما كان أحد يبدأ أو يبدر ابن عمر بالسلام».

عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة: أن الطفيل بن أبي كعب أخبره: أنه كان
يأتي عبد الله بن عمر فيغدو معه إلى السوق، قال: «فإذا غدونا إلى السوق لم
يمر عبد الله بن عمر على سقاط ولا صاحب بيعة ولا مسكين ولا أحد إلا وسلم
عليه، فقلت: ما تصنع بالسوق وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع ولا
تسوم بها، ولا تجلس في مجالس؟ قال: وأقول اجلس بنا ههنا نتحدث، فقال لي عبد
الله: «يا أبا بطن - وكان الطفيل ذا بطن - إنما نغدو من أجل السلام، فسلم
على من لقيت»


بذله نفسه ووقته للناس:


قال مالك: «كان إمام الناس عندنا بعد زيد بن ثابت، عبد الله بن عمر، مكث
ستين سنة يفتي الناس».


وعن نافع بسند رجاله ثقات أنه قال: «مرض ابن عمر، فاشتهى عنباً أول ما جاء،
فأرسلت امرأته بدرهم، فاشترت به عنقوداً، فاتبع الرسول سائل، فلما دخل
قال: السائل، السائل، فقال ابن عمر: أعطوه إياه، ثم بعثت بدرهم آخر، قال:
فاتبعه السائل، فلما دخل قال: السائل، السائل، فقال ابن عمر: أعطوه إياه،
فأعطوه، وأرسلت صفية إلى السائل تقول: والله لئن عدت لا تصيب مني خيراً، ثم
أرسلت بدرهم آخر، فاشترت به».
أنها اشترته من السائل بدرهم.



وعن نافع أن ابن عمر قال: «إني أشتهي حوتاً، قال: فشووها ووضعوها بين يديه
فجاء سائل، قال: فأمر بها فدفعت إليه». الطبقات4/158، وفي الحلية: «فجاء
سائل يسأل فأمر بها كما هي ما ذاق منها شيئاً، فقالوا: نعطه خيراً من ثمنها
فأبى».


نفقته في سبيل الله:


عن نافع قال: «إن كان ابن عمر ليفرق في المجلس ثلاثين ألفاً، ثم يأتي عليه
شهر ما يأكل مزعة لحم»


وعن نافع بسند صحيح أنه قال: «ما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان، أو زاد».



وعن نافع قال: بعث معاوية إلى ابن عمر بمائة ألف، فما حال عليه الحول وعنده
منها شيء».


كرمه:


عن نافع قال: «أتي ابن عمر ببضعة وعشرين ألفاً، فما قام من مجلسه حتى
أعطاها وزاد عليها، قال: لم يزل يعطي حتى أنفد ما كان عنده، فجاءه بعض من
كان يعطيه فاستقرض من بعض من كان أعطاه فأعطاه».


عن نافع: «أن ابن عمر كان لا يكاد يتعشى وحده».


اهتمامه بشأن المحتاجين:



عن معن قال: «كان ابن عمر إذا صنع طعاماً، فمر به رجل له هيئة لم يدعه،
ودعاه بنوه أو بنو أخيه، وإذا مر إنسان مسكين دعاه ولم يدعوه، وقال: يدعون
من لا يشتهيه، ويدعون من يشتهيه».


الحوافز التشجيعية على الخير:



طهارة المجتمع ومراقبته لله مع التشجيع والمكافأة عليه:



عن عبد الله بن دينار بإسناد رجاله ثقات أنه قال: «خرجت مع ابن عمر إلى
مكة، فعرسنا، فانحدر علينا راع من جبل، فقال له ابن عمر: أراع؟ قال: نعم،
قال: بعني شاة من الغنم، قال: إني مملوك، قال ابن عمر: قل لسيدك: أكلها
الذئب، قال: فأين الله عز وجل؟ قال ابن عمر: فأين الله!! ثم بكى، ثم اشتراه
بعد، فأعتقه»، وفي رواية أخرى: «واشترى له الغنم».


تشجيعه على الخير وأخذه الناس بالظاهر:



عن نافع: «أن عبد الله بن عمر كان إذا رأى من رقيقه أمراً يعجبه أعتقه،
فكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه، قال نافع: فلقد رأيت بعض غلمانه ربما شمر
ولزم المسجد، فإذا رآه على تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: والله
يا أبا عبد الرحمن ما هم إلا يخدعونك، قال: فيقول عبد الله: من خدعنا
بالله انخدعنا له».








من أبواب العلم المهجورة:



قال الليث بن سعد وغيره: كتب رجل إلى ابن عمر أن اكتب إلي بالعلم كله، فكتب
إليه: «إن العلم كثير، ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء
الناس، خميص البطن من أموالهم، كاف اللسان عن أعراضهم، لازماً لأمر
جماعتهم، فافعل».



شرطه على من أراد أن يسافر معه:



عن أبي ريحانة: «كان ابن عمر يشترط على من صحبه في السفر: الفطر، والأذان،
والذبيحة، يعني الجزرة يشتريها للقوم».


قال مجاهد: «كنت أسافر مع عبد الله بن عمر فلم يكن يطيق شيئاً من العمل إلا
عمله لا يكله إلينا، ولقد رأيته يطأ على ذراع ناقتي حتى أركبها».


استجابته لداعي الخير أياً كان:

عن نافع قال: قيل لابن عمر زمن ابن الزبير والخوارج والخشبية: أتصلي مع
هؤلاء، ومع هؤلاء وبعضهم يقتل بعضاً؟ قال: «من قال: حي على الصلاة أجبته،
ومن قال: حي على الفلاح أجبته، ومن قال: حي على قتل أخيك المسلم وأخذ ماله
قلت: لا».


من مواقفه:

أخرج أحمد عن يزيد عن عمرو بن ميمون عن أبيه قال: «لما مرض عبد الله ابن
عامر مرضه الذي توفي فيه، أرسل إلى أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم فيهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقال لهم: قد نزل بي ما قد ترون
ولا أرى إلا أني لمأتي، فما ظنكم بي؟ فقالوا: قد كنت تعطي السائل وتصل
الرحم، وحفرت الآبار بالفلوات لابن السبيل، وبنيت الحوض بعرفة تشرع فيه حاج
بيت الله، فما نشك لك في النجاة، وعينه إلى عبد الله بن عمر، وعبد الله بن
عمر ساكت، فلما أبطأ عليه بالكلام قال له: يا أبا عبد الرحمن مالك لا
تتكلم قال: إذا طابت المكسبة زكت النفقة، وسترد فتعلم».


بعده عن الثناء مع التواضع والغض من النفس:



عن نافع وغيره: أن رجلا قال لابن عمر: يا خير الناس، أو ابن خير الناس،
فقال: «ما أنا بخير الناس، ولا ابن خير الناس، ولكني عبد من عباد الله،
أرجو الله وأخافه، والله لن تزالوا بالرجل حتى تهلكوه».


عن نافع: «كان ابن عمر إذا قام له الرجل من مجلسه لم يجلس فيه».


عبدالله بن مسعـــــود رضي الله عنـه

نـسـبـــه وصـفتــــه

هو عبد الله بن مسعود و قال: كناني النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبد
الرحمن.

وكان رضي الله عنه رجلاً قصيراً نحيفاً يكاد طوال الرجال يوازونه جلوساً


إسـلامـــه و هجـرتـه
قال عبد الله لقد رأيتني سادس ستة وما على الأرض مسلم غيرنا وقال أبو نعيم
كان سادس من أسلم.

وكان سبب إسلامه ما أخبرنا به أبو الفضل الطبري الفقيه بإسناده إلى أبي
يعلى أحمد بن علي قال‏:‏ حدثنا المعلى بن مهدي، حدثنا أبو عوانة، عن عاصم
بن بهدلة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر، فقال‏:‏ ‏"‏يا غلام،
هل معك من لبن‏"‏? فقلت‏:‏ نعم، ولكني مؤتمن‏!‏ فقال‏:‏ ائتني بشاة لم ينز
عليها الفحل‏.‏ فأتيته بعناق -أو جذعة- فاعتقلها رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فجعل يمسح الضرع ويدعو حتى أنزلت، فأتاه أبو بكر بصخرة فاحتلب
فيها‏:‏ ثم قال لأبي بكر‏:‏ اشرب‏.‏ فشرب أبو بكر، ثم شرب النبي صلى الله
عليه وسلم بعده، ثم قال للضرع‏:‏ اقلص‏.‏ فقلص فعاد كما كان، ثم أتيت
فقلت‏:‏ يا رسول الله، علمني من هذا الكلام -أو من هذا القرآن- فمسح رأسي
وقال‏:‏ إنك غلام معلّم‏.‏ قال‏:‏ فلقد أخذت منه سبعين سورة، ما نازعني
فيها بشر‏.‏

هاجر الهجرتين جميعاً إلى الحبشة وإلى المدينة، وصلى القبلتين، وشهد بدراً،
وأحداً، والخندق، وبيعة الرضوان، وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وشهد اليرموك بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أجهز على
أبي جهل، وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة‏.‏



فـضـــائلــــه
عن المقدام بن شريح عن أبيه عن سعد قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم ونحن ستة فقال المشركون اطرد هؤلاء عنك فلا يجترئون علينا وكنت أنا
وابن مسعود ورجل من هذيل ورجلان نسيت اسمهما فوقع في نفس النبي صلى الله
عليه وسلم ما شاء الله وحدث به نفسه فأنزل الله تعالى } ولا تطرد الذين
يدعون ربهم بالغـداة والعشي( الانعام 52 53 )

عن علقمة، عن عبدالله‏.‏ قال‏: لما نزلت هذه الآية‏:‏ " ليس على الذين
آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وأمنوا" ‏[‏5/
المائدة/ 93‏]‏ إلى آخر الآية‏.‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل
لي‏:‏ أنت منهــم.

عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لو كنت مؤمراً أحداً من غير مشورة لأمرت ابن أم
عبد‏"‏‏.‏

عن أم موسى قالت‏:‏ سمعت علياً يقول‏:‏ ‏"‏أمر النبي صلى الله عليه وسلم
ابن مسعود فصعد على شجرة يأتيه منها بشيء، فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله
فضحكوا من حموشة ساقيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما
تضحكون؟ لرجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحدٍ‏"‏‏.‏


عن أبي رزين قال‏:‏ قال ابن مسعود‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه
وسلم‏:‏ ‏"‏اقرأ علي سورة النساء‏"‏‏.‏ قال قلت‏:‏ أقرأ عليك وعليك أنزل؟
قال‏:‏ ‏"‏إني أحب أن أسمعه من غيري‏"‏‏.‏ فقرأت عليه حتى بلغت‏:‏ ‏{‏فكيف
إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً‏}‏‏.‏ ‏.‏ ‏.‏ الى
آخر الآية فاضت عيناه صلى الله عليه وسلم‏.‏

ولما أسلم عبد الله أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، وكان يخدمه،
وقال له‏:‏ ‏"‏إذنك علي أن تسمع سوادي ويرفع الحجاب‏"‏‏.‏ فكان يلج عليه،
ويلبسه نعليه، ويمشي معه وأمامه، ويستره إذا اغتسل، ويوقظه إذا نام، وكان
يعرف في الصحابة بصاحب السواد والسواك‏.‏


قال عمرو بن العاص في مرضه وقد جزع فقيل له قد كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يدنيك ويستعملك قال والله ما أدري ما كان ذاك منه أحب أو كان يتألفني
ولكن أشهد على رجلين أنه مات وهو يحبهما ابن أم عبد وابن سمية.


علمــــــه
قال‏ رسول الله صلى الله عليه وسلم:‏ ‏‏ يرحمك الله فإنك عليم معلم ‏‏‏.‏

وقال زيد بن وهب‏:‏ إني لجالس مع عمر إذ جاءه ابن مسعود يكاد الجلوس
يوارونه من قصره فضحك عمر حين رآه، فجعل يكلم عمر ويضاحكه وهو قائم حدثنا
ولّى فأتبعه عمر بصره حتى توارى فقال‏:‏ كنيفٌ مليء علماً‏.‏

وسئل علي رضي الله عنه عن قوم من الصحابة منهم عبد الله بن مسعود فقال‏:‏
أما ابن مسعود فقرأ القرآن وعلم السنة وكفى بذلك‏.‏



حالـه مع القــــــران
عن علقمة قال جاء رجل إلى عمر وهو بعرفة فقال: جئت يا أمير المؤمنين من
الكوفة وتركت بها رجلا يملي المصاحف عن ظهر قلب فغضب عمر وانتفخ حتى كاد
يملأ ما بين شعبتي الرجل فقال ومن هو ويحك فقال ابن مسعود فما زال يطفىء
غضبه ويتسرى عنه حتى عاد إلى حاله ثم قال: ويحك والله ما أعلم بقي من الناس
أحد هو أحق بذلك منه وسأحدثك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال
يسمر عند أبي بكر الليلة كذلك في الامر من أمر المسلمين وإنه سمر عنده ذات
ليلة وأنا معه فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجنا معه فإذا رجل قائم
يصلي في المسجد فقام رسول الله يسمع قراءته فلما كدنا أن نعرفه قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم ( من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل فليقرأه
على قراءة ابن أم عبد ( قال ثم جلس يدعو فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول له : سل تعطه ، فقلت والله لاغدون إليه فلأبشره قال: فغدوت فوجدت أبا
بكر قد سبقني. ) رواه أحمد في مسنده.

عن مسروق‏.‏ قال‏: كنا نأتي عبدالله بن عمرو فنتحدث إليه - وقال ابن
نمير‏:‏ عنده - فذكرنا يوما عبدالله بن مسعود‏.‏ فقال‏:‏ لقد ذكرتم رجلا لا
أزال أحبه بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏خذوا القرآن من أربعة‏:‏ من ابن أم عبد -
فبدأ به - ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وسالم، مولى أبي حذيفة ‏"‏ ‏.


عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عبد الله قال: كنا إذا تعلمنا من النبي صلى
الله عليه وسلم عشر آيات لم نتعلم من العشر التي نزلت بعدها حتى نعلم ما
فيها. [يعني من العلم]




حالـه مع الحديث
حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالكثير

اتفقا له في الصحيحين على أربعة وستين وانفرد له البخاري بإخراج أحد وعشرين
حديثا ومسلم بإخراج خمسة وثلاثين حديثا وله عند بقي بالمكرر ثماني مئة
وأربعون حديثا.




عبـادتــه
وقال عبيد الله بن عبد الله ‏:‏ كان عبد الله إذا هدأت العيون قام فسمعت له
دوياً كدوي النحل حتى يصبح‏.‏

عن زيد بن وهب قال رأيت بعيني عبد الله وله أثرين أسودين من البكاء.

عن القاسم بن عبد الرحمن أن ابن مسعود كان يقول في دعائه خائف مستجير تائب
مستغفر راغب راهب.



ورعـــــه
عن الأعمش، عن حبة بن جوين، عن علي قال‏:‏ كنا عنده جلوساً، فقالوا‏:‏ ما
رأينا رجلاً أحسن خلقاً، ولا أرفق تعليماً، ولا أحسن مجالسة، ولا أشد
ورعاً، من ابن مسعود‏.‏ قال علي‏:‏ أنشدكم الله أهو الصدق من قلوبكم؟
قالوا‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ اللهم أشهد أني أقول مثل ما قالوا وأفضل‏.‏



زهـــــده
ومن طريق تميم بن حرام جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت
أحدًا أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أحب إلى أن أكون في صلاحه من
بن مسعود أخرجه البغوي

وقال أبو ظبية‏:‏ مرض عبد الله، فعاده عثمان بن عفان، فقال‏:‏ ما تشتكي؟
قال‏:‏ ذنوبي‏!‏ قال‏:‏ فما تشتهي؟ قال‏:‏ رحمة ربي‏.‏ قال‏:‏ ألا آمر لك
بطبيب? قال‏:‏ الطبيب أمرضني‏.‏ قال‏:‏ ألا آمر لك بعطاء؟ قال‏:‏ لا حاجة
لي فيه‏.‏ قال‏:‏ يكون لبناتك‏.‏ قال أتخشى على بناتي الفقر، إني أمرت
بناتي أن يقرأن كل ليلة سورة الواقعة، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول‏:‏ ‏"‏من قرأ الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً‏"‏‏. وإنما قال
له عثمان‏:‏ ألا آمر لك بعطائك؟ لأنه كان قد حبسه عنه سنتين، فلما توفي
أرسله إلى الزبير، فدفعه إلى ورثته‏.‏ وقيل‏:‏ بل كان عبد الله ترك العطاء
استغناءً عنه، وفعل غيره كذلك‏.‏

و كان عبد الله بن مسعود يقول: " ما ندمت على شئ ندمي على يوم غربت شمسه،
نقص فيه أجلي و لم يزد فيه عملي".

عن قيس بن حبتر قال قال عبد الله بن مسعود حبذا المكروهان الموت والفقر
وايم الله ما هو إلا الغنى والفقر ما أبالي بأيهما ابتدئت إن كان الفقر إن
فيه للصبر وإن كان الغنى إن فيه للعطف لان حق الله في كل واحد منهما واجب.




شجاعتـــه
عن محمد بن إسحاق قال‏:‏ حدثني يحيى بن عروة بن الزبير، عن أبيه قال‏:‏ كان
أول من جهر بالقرآن بمكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن
مسعود، اجتمع يوماً أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ والله ما
سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط، فمن رجلٌ يسمعهم؟ فقال عبد الله بن
مسعود‏:‏ أنا‏.‏ فقالوا‏:‏ إنا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلاً له عشيرة
تمنعه من القوم إن أرادوه‏!‏ فقال‏:‏ دعوني، فإن الله سيمنعني‏.‏ فغدا عبد
الله حتى أتى المقام في الضحى وقريش في أنديتها، حتى قام عند المقام، فقال
رافعاً صوته‏:‏ ‏"‏بسم الله الرحمن الرحيم الرحمن علم القرآن‏"‏، فاستقبلها
فقرأ بها، فتأملوا فجعلوا يقولون‏:‏ هذا الذي خشينا عليك‏!‏ فقال‏:‏ ما
كان أعداء الله قط أهون علي منهم الآن، ولئن شئتم غاديتهم بمثلها غداً؟
قالوا‏:‏ حسبك، قد أسمعتهم ما يكرهون‏.‏


وفـاتــــه
قال سلمة بن تمام‏:‏ لقي رجلٌ ابن مسعود فقال‏:‏ لا تعدم حالماً مذّكراً،
رأيتك البارحة ورأيت النبي صلى الله عليه وسلم على منبر مرتفع، وأنت دونه
وهو يقول‏:‏ يا ابن مسعود، هلم إلي، فلقد جفيت بعدي‏.‏ فقال‏:‏ الله لأنت
رأيت هذا؟ قال‏:‏ نعم قال فعزمت أن تخرج من المدينة حتى تصلي علي، فما لبث
أياماً حتى مات‏.‏

وتوفي ابن مسعود بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين‏.‏ ودفن بالبقيع،
وكان عمره يوم توفي بضعاً وستين سنة، وقيل‏:‏ بل توفي سنة ثلاث وثلاثين‏.‏
والأول أكثر‏.‏
رحم الله أبا عبد الرحمن و رضي عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم و
صاحب النعلين والوساد والمطهرة وصاحب السر و الذي أجاره الله من الشيطان
على لسان نبيه.


ولد في الشِّعب ، قبل الهجرة بثلاث سنين ، وتوفي رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، وله ثلاث عشرة سنة تقريبًا .

كان مقرَّبًا من الرسول صلى الله عليه وسلم ،

فقد روى البخاري بسنده عن عبد الرحمن بن عابس قال : سمعت ابن عباس رضي الله
عنهما سأله رجل : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم العيد أضحى أو
فطرا ؟
قال : ( نعم ، ولولا مكاني منه ما شهدته ؛ يعني : من صغره ) .


وبات ليلة عند خالته ميمونة بنت الحارث ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم
لصلاته فوضع للنبي غسلاً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من وضع هذا ؟
) ، فقالوا : عبد الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( اللهم فقه في الدين
وعلمه التأويل ) .


قال ابن عباس : ( رأيت جبريل ـ صلوات الله عليه ـ مرتين، ودعا لي رسول الله
ـ صلى الله عليه وسلم ـ مرتين ) .


ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، تَطَلَّع إلى طلب العلم ، واشرأبت
نفسه إليه ،

قال : ( لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار: هلم
فلنسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم اليوم كثير قال فقال:
واعجبا لك أترى الناس يفتقرون إليك قال: فترك ذلك وأقبلت أسأل ، فإن كان
ليبلغني الحديث عن رجل فآتي بابه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه تسفي
الريح علي من التراب ، فيخرج فيراني فيقول: يا ابن عم رسول الله ما جاء بك؟
هلا أرسلت إلي فآتيك .
فأقول: لا ، أنا أحق أن آتيك ، فأسأله عن الحديث .
فعاش الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي ليسألوني ، فقال: هذا
الفتى كان أعقل مني ).



ولما تولى عمر بن الخطاب ظهر نجم ابن عباس رضي الله عنهما ، واعتنى به
عناية فائقة ، ولقد كان يُحبُّه حبًّا جمًّا ؛ لِمَا توسَّم فيه من النجابة
والذكاء ، فقرَّبه منه ، وجعله في مجلس (شوراه وعلمِه) الذي يحضره أكابر
الصحابة ، ولم يُدخِل معه غيره من الفتيان ، وما كان عمر ليحابي في مجلسه
من أجل قرابه ، وإلا لأحضر ولده عبد الله ، وهو من العبادة والعلم بمكان .

ولقد وَجَدَ بعض الصحابة على عمر ، وعاتبه في إدخالِ ابن عباس وتركِ
أولادهم ، فأبانَ لهم سببَ إدخالِه له بما روى ابن عباس ، قال : ( كَانَ
عُمَرُ يُدْخِلُنِى مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِمَ
تُدْخِلُ هَذَا الْفَتَى مَعَنَا ، وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ فَقَالَ
إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ . قَالَ فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ ،
وَدَعَانِى مَعَهُمْ قَالَ وَمَا رُئِيتُهُ دَعَانِى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ
لِيُرِيَهُمْ مِنِّى فَقَالَ مَا تَقُولُونَ ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ
وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ ) حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ
، فَقَالَ بَعْضُهُمْ أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ ،
إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا . وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ نَدْرِى .
أَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا . فَقَالَ لِى يَا ابْنَ عَبَّاسٍ
أَكَذَاكَ تَقُولُ قُلْتُ لاَ . قَالَ فَمَا تَقُولُ قُلْتُ هُوَ أَجَلُ
رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ ( إِذَا
جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) فَتْحُ مَكَّةَ ، فَذَاكَ عَلاَمَةُ
أَجَلِكَ ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ
تَوَّابًا ) قَالَ عُمَرُ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ ) .



لقد استمر ابن عباس في عهد عثمان يتخطى سنيَّ الشباب ، ويدخل في سنيِّ
الكهولة ، ولا زال في هذا العهد المبارك في مجلس شورى أهل بدر ، كما لازال
يُعلِّم الناس ويفتيهم ،

فقد أخبر عطاء بن يسار: (أن عمر وعثمان كانا يدعوان ابن عباس فيشير مع أهل
بدر، وكان يفتي في عهد عمر وعثمان إلى يوم مات).



وفي سنة ( 30 هـ ) من عهد عثمان توفي أحد شيوخ ابن عباس ، وهو أبيُّ بن كعب
الأنصاري ، وقد أورد الحبْر رواية يظهر فيها من أدبه مع شيخه أُبيٍّ ،

قال ابن عباس : (ما حدثني أحد قط حديثا فاستفهمته، فلقد كنت آتي باب أُبيِّ
بن كعب وهو نائم ، فأقِيلُ على بابه، ولو علم بمكاني لأحب أن يُوقَظَ لِي
لمكاني من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولكنٍّي أكره أن أُمِلَّه ) .

ولقد كان أُبيٌّ يعرف علم ابن عباس ويقدِّره، ومن ذلك ما روى ابن سعد من
طريق يسر بن سعيد عن محمد بن أبي بن كعب عن أبيه أنه سمعه يقول ـ وكان عنده
ابن عباس فقام ـ قال : ( هذا يكون حبر هذه الأمة ، أوتِي عقلا وجسما ،
ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفقه في الدين ) .



ولما قُتِل عثمان سنة ( 35 للهجرة ) تولى بعده علي بن أبي طالب إلى أن
قُتِل سنة ( 40 للهجرة ) ، وكان عمر ابن عباس (39 ـ 42 ) ، وكان بين ابني
العم ودٌّ ومحبة ، ولقد أظهر ابن عباس نصرة ابن عمِّه في قتاله ، وسار معه ،
وولي له البصرة إلى أن قُتِل عليٌّ رضي الله عنه ، وكان إمامًا لوفد
المحكمين من طرف علي بن أبي طالب رضي الله عن الجميع .

حدّث أحد أصحابه ومعاصريه فقال: " لقد رأيت من ابن عباس مجلسا، لو أن جميع
قريش فخرت به، لكان لها به الفخر.. رأيت الناس اجتمعوا على بابه حتى ضاق
بهم الطريق، فما كان أحد يقدر أن يجيء ولا أن يذهب..
فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه، فقال لي: ضع لي وضوءا، فتوضأ وجلس
وقال: أخرج إليهم، فادع من يريد أن يسأل عن القرآن وتأويله..فخرجت فآذنتهم:
فدخلوا حتى ملؤا البيت، فما سالوا عن شيء الا اخبرهم وزاد..
ثم قال لهم: اخوانكم.. فخرجوا ليفسحوا لغيرهم.
ثم قال لي: أخرج فادع من يريد أن يسأل عن الحلال والحرام..
فخرجت فآذنتهم: فدخلوا حتى ملؤا البيت، فما سألوا عن شيء الا أخبرهم
وزادهم..
ثم قال: اخوانكم.. فخرجوا..
ثم قال لي: ادع من يريد أن يسأل عن الفرائض، فآذنتهم، فدخلوا حتى ملؤا
البيت، فما سألوه عن شيء الا أخبرهم وزادهم..
ثم قال لي: ادع من يريد أن يسال عن العربية، والشعر..
فآذنتهم فدخلوا حتى ملؤا البيت، فما سألوه عن شيء الا أخبرهم وزادهم"!!
وكان ابن عباس يمتلك إلى جانب ذاكرته القوية، بل الخارقة، ذكاء نافذا،
وفطنة بالغة..
كانت حجته كضوء الشمس ألقا، ووضوحا، وبهجة.. وهو في حواره ومنطقه، لا يترك
خصمه مفعما بالاقتناع وحسب، بل ومفعما بالغبطة من روعة المنطق وفطنة
الحوار..
مع غزارة علمه، ونفاذ حجته، لم يكن يرى في الحوار والمناقشة معركة ذكاء،
يزهو فيها بعلمه، ثم بانتصاره على خصمه.. بل كان يراها سبيلا قويما لرؤية
الصواب ومعرفته.. لطالما روّع الخوارج بمنطقه الصارم العادل..

بعث به الامام عليّ بن أبي طالب ‎رضي الله عنه ذات يوم إلى طائفة كبيرة
منهم فدار بينه وبينهم حوار رائع وجّه فيه الحديث وساق الحجة بشكل يبهر
الألباب..
ومن ذلك الحوار الطويل نكتفي بهذه الفقرة..
سألهم ابن عباس: " ماذا تنقمون من عليّ..؟"
قالوا: " ننقم منه ثلاثا:
أولاهنّ: أنه حكّم الرجال في دين الله، والله يقول ان الحكم الا لله..

والثانية: أنه قاتل، ثم لم يأخذ من مقاتليه سبيا ولا غنائم، فلئن كانوا
كفارا، فقد حلّت أموالهم، وان كانوا مؤمنين فقد حرّمت عليه دماؤهم..!!

والثالثة: رضي عند التحكيم أن يخلع عن نفسه صفة أمير المؤمنين، استجابة
لأعدائه، فان لم يكن أمير المؤمنين، فهو أمير الكافرين.."

وأخذ ابن عباس يفنّد أهواءهم فقال: " أما قولكم: انه حكّم الرجال في دين
الله، فأيّ بأس..؟
إن الله يقول: (يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ
وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ
مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ)، فنبؤني
بالله: أتحكيم الرجال في حقن دماء المسلمين أحق وأولى، أم تحكيمهم في أرنب
ثمنها درهم.؟
تلعثم زعماؤهم تحت وطأة هذا المنطق الساخر والحاسم،

واستأنف حبر الأمة حديثه: "وأما قولكم: انه قاتل فلم يسب ولم يغنم، فهل
كنتم تريدون أن يأخذ عائشة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين
سبيا، ويأخذ أسلابها غنائم..؟؟
وهنا كست وجوههم صفرة الخجل، وأخذوا يوارون وجوههم بأيديهم،

وانتقل ابن عباس إلى الثالثة:
" وأما قولكم: انه رضي أن يخلع عن نفسه صفة أمير المؤمنين، حتى يتم
التحكيم، فاسمعوا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، إذ راح
يملي الكتاب الذي يقوم بينه وبين قريش، فقال للكاتب: اكتب. هذا ما قاضى
عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال مبعوث قريش: والله لو كنا
نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك. فاكتب: هذا ما قاضى
عليه محمد بن عبد الله، فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: والله اني
لرسول الله وان كذبتم، ثم قال لكاتب الصحيفة: أكتب ما يشاءون: أكتب: هذا ما
قاضى عليه محمد بن عبد الله".


استمرّ الحوار بين ابن عباس والخوارج على هذا النسق الباهر المعجز، وما كاد
ينتهي النقاش بينهم حتى نهض منهم عشرون ألفا، معلنين أقتناعهم، ومعلنين
خروجهم من خصومة الامام عليّ. لم يكن ابن عباس يمتلك هذه الثروة الكبرى من
العلم فحسب. بل كان يمتلك معها ثروة أكبر، من أخلاق العلم وأخلاق العلماء.


توفي حَبر هذه الأمة الصحابي عبد الله بن عباس سنة 68 هـبالطائف،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالرحمن حساني
المدير العام
المدير العام
عبدالرحمن حساني


الدولة : سورية
ذكر
عدد المساهمات : 3137
العمل/الترفيه المدير العام

ادخلوا وتعرفوا عليهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: ادخلوا وتعرفوا عليهم   ادخلوا وتعرفوا عليهم I_icon10الإثنين مارس 14, 2011 12:33 pm

لاتنسوني بالدعاء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مسعود
المدير العام
المدير العام
مسعود


الدولة : سورية
ذكر
عدد المساهمات : 14130
العمل/الترفيه مدرس
المزاج ممتاز
MMS ادخلوا وتعرفوا عليهم 1339643289201

ادخلوا وتعرفوا عليهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: ادخلوا وتعرفوا عليهم   ادخلوا وتعرفوا عليهم I_icon10الإثنين مارس 14, 2011 1:19 pm

ادخلوا وتعرفوا عليهم 1798797022
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kproxy.com/servlet/redirect.srv/seoi/s7yzd/sbphfk/p1/
 
ادخلوا وتعرفوا عليهم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات صوران  :: اسلاميات :: القسم الأسلامي-
انتقل الى:  
الساعة الأن بتوقيت (سوريا)
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات صوران
 Powered by ®https://soran.roo7.biz
حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010