كتب عدنان عبد الرزاق |
السيد حاكم مصرف المركزي والسادة صناع
السياسة النقدية أستميحكم عذراً، فكثرة ظهوركم على الإعلام وتكرار
تصريحاتكم، قد يأتي بمفاعيل عكسية، وأنتم خير من يعلم أن سعر صرف العملة،
أي عملة، يرتبط بعوامل نفسية أكثر مما يتعلق بأسباب اقتصادية، فكثرة
الطمأنة قد تُحدث تخويفاً لدى مكتنزي العملة، لأن القصة ليست عرضاً وطلباً
فقط ، بل ثمة عمدية هدفها النيل من سعر صرف الليرة ثانياً، لأن الـ «
أولاً» أعتقده في استنزاف الاحتياطي النقدي الأجنبي، والأمر يتعلق أيضاً
بهوس حرب العملات العالمية، كما قال ألان غرينسبان، وقت وهن الدولار، لكن
رئيس مجلس الاحتياطي الأمريكي السابق لم يُذكر أنه استسهل الظهور الإعلامي
أو غيّر من بلهه المصطنع وملامحه "الجوكندية"، كي لا يُقرأ ما في داخله أو
يستشف من ملامحه أي ما يمكن أن يؤثّر على سعر صرف الدولار. هذا إن لم
نُقلّب في صفحات الماضي ونذكّر بأثر التصريحات وتضاربها على سعر صرف الليرة
عام 2005 .
كما وتعلمون يقيناً أن لا خوف كما يحاول
البعض التخويف من انخفاض سعر الصرف ضمن الحدود المعقولة، فكما لارتفاع سعر
الصرف فوائد على المستوردات وثقة المتعاملين والحائزين والمستثمرين، أيضاً
له محاسن على التصدير والتنافس، وأخص، إن كان الحال كما ليرتنا، مدعومة
باحتياطي نقدي أجنبي ضخم، ولم يمس حتى الآن .
ولعل ما تتعمده الولايات المتحدة من تخفيض
سعر صرف الدولار لتسويق إنتاجها وما تستفيد منه ألمانيا عندما ينخفض سعر
صرف اليورو وما تتعرض له الصين من ضغوطات أمريكية وأوروبية لتعويم يوانها
ليرتفع سعره لتنجو أسواقهم من شبح المنتج الصيني، إنما أدلة مادية على
فوائد انخفاض سعر الصرف، وإن كان المثال لا يطال سورية بالمطلق، كون ميزانها التجاري خاسراً .
ليس من قبيل تحميل مجلس النقد والتسليف
أسباب تراجع سعر صرف الليرة، أوالتعليق على أخطاء فنية اتخذها المصرف
المركزي، لأنني على يقين مطلق أن قضية الليرة تأتي ضمن حالة الاستهداف
العامة التي تتعرض لها سورية، وكان سعر الصرف وما تمتلكه سورية من نقد
أجنبي، من ضمنها، كما أن المركزي اتخذ أخيراً جملة من التدابير وأصدر
قرارات من شأنها دعم وتدعيم سعر الصرف ومنع المضاربة بالليرة، كإلزام
المصارف بعدم قبول أي حوالة واردة من الخارج في حال كانت محررة بالليرة
السورية أو مشروطاً تسليمها بالليرة أو حتى مذكورة قيمتها بالليرة، والسماح
بالادخار وفتح حساب بالعملات الأجنبية وفق فائدة " اللايبر العالمية "
زائد 3% سنوياً على الإيداعات الآجلة .
بيد أن أسباباً ربما جاءت بمثابة الداعم
أو المناخ الملائم لتحقيق ما أراد الساعون لهزّ الثقة بالعملة الوطنية،
والتي كنا نتمنى على المركزي أن يتلافاها، وخاصة أننا لدغنا من جحر الليرة
مراراً، ومن تلك الأسباب القرار 84 لعام 2010 القاضي بالسماح ببيع
المواطنين عشرة آلاف دولار دون مبرر أو وثائق تثبت الحاجة كالسفر والعلاج
والتعليم وغيرهم، والذي ألغاه المصرف المركزي أخيراً من خلال تعميم خاص
وزّع على المصارف وشركات الصرافة المرخص لها " بوضع مبررات اقتصادية قبل
بيع المواطنين الدولار، كإعانات الأهل في الخارج ورسوم ومصاريف الدراسة
والعلاج والسفر وما شابه "
نهاية القول، أعتقد أن نسبة 10% ليست إلا
حجم السيولة المتداولة خارج المصارف والسلطات النقدية، ما يعني عدم قدرة
المتلاعبين واللاعبين على هزّ ثقة المتعاملين بالليرة، لذا ستكون الخسائر
نتيجة حتمية لكل من يستجيبون للشائعات فيبدّلون الليرة بالعملات الأجنبية،
وخاصة إن كانوا من صغار المودعين، ولعل في الخسائر التي منيوا بها عام 2005
دليلاً وإثباتاً، رغم أن الهجمة وقتذاك كانت أكبر ومن خلال حوامل ووسائل
أقل فنية وأكثر قذارة . !!
سيريا أوول