منتديات صوران
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات صوران

ثقافي اجتماعي منوع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  الثقة الغالية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مسعود
المدير العام
المدير العام
مسعود


الدولة : سورية
ذكر
عدد المساهمات : 14130
العمل/الترفيه مدرس
المزاج ممتاز
MMS  	 الثقة الغالية  1339643289201

 	 الثقة الغالية  Empty
مُساهمةموضوع: الثقة الغالية     	 الثقة الغالية  I_icon10الخميس يناير 20, 2011 3:20 pm

الثقة الغالية:
قد تستغربون الحكاية.. وقدلاتقبلون الرواية .. و يصعب عليكم أن تصدّقوا أنّ
صوت الحمار كان من أجمل الأصوات..وأن تغريده كان يزيّن الأمسيات ..
وأنّه كان مفتوناً بصوته أيّما افتتان ..ومعتزّاً بذلك على سائر الحيوان ..ولكنّه
كان ضعيف البنية هزيل الجسد.. لايقوى على حمل نفسه إن لم يساعده أحد ..
ولأنّه كان بالغ الطموح شديد الصبر..فقد ركّزكلّ جهوده لتجاوز ذلك الأمر..
وتدرّب طويلاً على حمل الأثقال ..وتمرّس بفنون نقل الأحمال.. حتّى أصبح
أكثر اعتزازاً بمهاراته الجديدة..من اعتزازه بأغانيه العتيدة...ولم يعد ينقصه
بعد استشعارها .. غير اختبارها واستثمارها ..وذات يوم وبعد أن تعشّى ..خرج إلى الطريق يتمشّى..
فرأى بدويّاً تبدوعليه النعمة ..وتلوح في عينيه دلالات الهمّة ..
فاستبشر في ذلك الخير..ولم يتوقّع أيّ ضير.. ولم يكد البدويّ يرى الحمار حتّى أظهر كلّ اهتمام..
وبادرإلى ما يرضيه من احترام ..وعرض عليه أن يحقّق له ماشاء من أحلام..
مقابل أن ينقل له هذا الأخير بعض المتاع..من مخزن في تلك البقاع.. إلى بيت قريب
مخصّص للترحال.. ومعرّض في كلّ لحظة للحركة والانتقال ..وتردّد الحمار
للحظات..وأطلق بعض الزفرات.. يريد إبرام اتفاق عادل..ويحاول تفادي المشاكل ..
ولكن البدوي الشديد الثقة بنفسه قال له : لي الشرف العظيم ..ياسيّدي الكريم..
أن أمنحك ثقتي مدى الحياة..في زمن قلّ فيه الثقات ..
راجياً ألا يخيب بك ظنّي ..في حمل همّي عنّي ..ولك أجمل الوعود منّي..
وماأحسبني أجد خيراً منك لإنجاز المطلوب.. ولا أقدر على تحقيق المرغوب ..وفي مظهرك مايدلّ
على كلّ نزاهة وطهر..وفي أنفاسك رائحة العزيمة والصبر..
ولم ينتظرمن الحمار إجابة سريعة.. بل أهوى على كتفه بعصاه
الرفيعة.. التي لم تقع بغلظة وعنف.. بل فعلت فعلها بكل رقّة وظرف ..
ونزل المديح السخيّ على نفس الحمار .. كالثلج في أيّار ..فبرّد قلبه الحارّ..
وأغراه بتجربة الطاقات الظامئة للانفجار ..
وهزّ رأسه بالموافقة ..ولاقى البدويّ بالمعانقة ..وسارع هذا إلى اعتلاء ظهره
بحجة أنّه سيدلّه على طريق المنزل ..ثمّ أمسك بشعره بذريعة الخوف من السقوط المخجل..
ولم يكن ذلك بشيء عند الحمار ..طالما لم يترافق بالسباب والانتهار..ولم يختلط بالهزء والاحتقار ..
و بدت على البدوي كلّ دلائل الفخر والظفر برفيقه الجديد ..وسنده الذي سيوصله إلى مايريد..
ثمّ شرع الراكب يغنّي بصوت مزعج ..وبلحن غير مبهج ..والحمار المرهف الآذان ..الخبير
في مجال الألحان ..ينتظر الفرصة لإظهار مواهبه الخفيّة ..وإسماع ألحانه الشجية ..
ولكنّ البدويّ استمع إلى نفسه دون ملل ..ولم يوقفه سوى عطسه الذي كان يفرغ منه على عجل ..
ثم يعود ليكمل أنشودته بلا انتهاء ..مجبراً بذلك مركوبه على الإصغاء..
وبعد مسير طويل متعب .. لاحت لعينيّ الحمار خيمة كالمركب..تهزّها الرياح ..
وتسندها من الخشب بضعة ألواح ..مع حبال غليظة صفراء ..وأحجار كبيرة ملساء ..
وعلى بابها وقف فتى أسمر..ذو أنف شامخ .. ونظرة أبيّة قاسية ..
وسرعان ماصاح البدوي بالفتى ..يأمره بالاعتناء بالرفيق الموثوق به ..المأمول منه نقل
المتاع إلى المكان المختار ..الذي يبعد مسيرة نصف نهار ..وغفا الجميع يحلمون ..
بما يحبّون أن يكون ..وعندما طلع النهار ..وضع البدوي المتاع المراد كيفما اتفق..
فوق ظهر الحمار المسكون بالقلق ..وطلب منه أن يطيع ولده الوحيد..
ويسير معه إلى الموضع المفترض للبيت الجديد..وسار الاثنان معاً يتبادلان عبارات المودّة ..
ويتجاهلان مافي الطريق من مشقّة وشدّة ..إلى أن قطعا نصف المسافة ..وأحسّا بالتعب ..
واحتاجا للراحة ..وقرّرا ان يلوذا بظلّ صخرة كبيرة ..ريثما يستعيدا نشاطهما .. ويصيبا
بعض الطعام والشراب .. وحالما شرعا بالاستعداد لذلك ..لاح لهما شبح البدويّ يركض
صوبهما وهو يلوّح بيديه بحماس طالباً منهما الإسراع إليه ..وقد فعلا ذلك .. وهما متعجّبان ..
قلقان ..إلى أن لاقياه وشرح لهما الأمر ..لقد غيّر رأيه ..فيما يخصّ موضع بيته الجديد ..
وقرّر البقاء في القديم مع تعديلات في الارتفاع..وتبديل لبعض المتاع.. فسيزوره فيه الشيخ كعبول ..
ولذلك يلزم الإسراع في الوصول ..وإنزال وترتيب الأحمال..ثم الاستعداد للاستقبال ..
وبدت العودة السريعة صعبة على الحمار ..ولم يستطع منع نفسه من الاستنكار ..ولكنّ البدويّ ذكّره
بالثقة الغالية التي منحه إياها ..وقال :أنت أهل لكل مكرمة وجدير بكل مأثرة وستنجز ذلك
في الوقت المحدد بالتأكيد .. فأنا لم أرأبرع منك ولم ألتق بمن هو أوفى ولا أجدر بالثقة ..
قال له الحمار :أحاول ..ولكن قد تسقط بعض الأمتعة بسبب السرعة وقد تتكسر بعض الأواني ..
قال البدوي: لاتوجد مشكلة ..أنا أثق بك ..ومهما بلغت الأضرار ..ستنجح في الاختبار ..
وستقهر المصاعب ..وتنجز الواجب..وانطلق الحمار مع الولد الذي بدا متوترا وقد فارقه الأدب واللطف ..
وهجره الودّ والظرف ..حتّى إنّه في لحظة من اللحظات غضب وأهوى على ظهر الحمار
بعصاه التي يتوكأ عليها فانكسرت فزاد غضبه وسبّ وشتم .. وكاد الحمار يلقي الأحمال
على الأرض ويشرع في الركض .. لولا أن همس لنفسه قائلاً: إن هو إلا ولد جاهل ..
لايؤاخذ على ما يصدر عنه من رذائل ..وغداً يعتذر ويتوب .. عندما يرى كيف أنجزنا المطلوب ..
وسارا بسرعة ودأب حتّى كادا يصلان ..في الوقت المحدّد ..
ولكنّ الحمار ذهل عندما لاح له شبح البدويّ يلحق به ويشير له أن يتوقّف..
ويأمره أن يتلطف ..فثمة أحمال جديدة منسيّة في القرب ..تحتاج إلى جلب .. وكاد الحمار ينهار ..
ويتخلّى عن الوقار .. إلا أنّ البدويّ ذكّره بثقته التي لاتنكر .. وسقاه من يده
الماء المحلى بالسكّر ..مما بعث عند الحمار الأمل..وجعله يعود إلى العمل..
يحاول مسابقة الزمن ببذل جهد مضاعف ..والفتى يمتدح
مهاراته ويثني عليه..ويركض إلى جانبه ناظراً إليه..ولكنّه تعثّر ببقايا موقد ..
وراح يصرخ ويستنجد ..ويرجو الحمار أن يحمله فوق المتاع ..ولايتركه
للسباع ..واضطرّ الحمار للاستجابة والإذعان ..وفي داخله
يحتقن ألف بركان ..إلّا أنّ الطموح للفوز .. والرغبة في النجاح ..دفعتاه
للصبر والاحتمال ..والانطلاق في استعجال ..حتى لاح له مع طلوع الفجر..
شبح البيت الناتيء كالقبر ..واستبشر بتحقيق النصر ..ولكن الفتى المتعب ..
كان قد غفا على ظهره وارتخت يداه ..فسقط على قفاه وأفلتت منه بقاياعصاه ..ووقف الحمار
محتاراً .. لايعلم ماذا يفعل..
وفي تلك اللحظة ظهر البدويّ من بعيد ..وشاهد المنظر الفريد .. فظنّ الظنون ..
واستبدّ به الجنون ..فراح يسبّ ويشتم..وهمّ بأن يهجم ..لولا
أن بيّن له ولده الأمر ..وأفهمه ماحدث بالضبط ..فهدأ وسكن ..وظهر الندم في عينيه ..
ممّا أجبرالحمارالمهان.. على الصفح والغفران ..ونسيان ماكان ..وهمّ بالاستمرار في التسيار ..
غير أنّ البدويّ استوقفه من جديد وقال اعلم أيّها الصبور العنيد:
إن موعد زيارة الشيخ قد تأجل..ممّا يتيح لي فرصة اختيار
موقع أفضل.. لبيت المستقبل..يكون أمنع وأجمل ..
وحبذا لو كان قريباً من ماء السدود ..بعيداً عن البعوض..
مشرفاً على المكان .. تصعب مشاهدته بالعيان ..
تدخله الشمس وتخرج منه بيسر ..ولكن في غير أوقات الحرّ..
وتتخلّله النسائم كلّ مساء ..ولاتخرقه العواصف الهوجاء..
بارد في الصيف دافيء في الشتاء..ملتصق بالأرض قريب من السماء ..
يختاره لي حكيم مثلك موثوق محترم ..ولكن ويله إن أخفق أو انهزم ..
عندها يكون قد خان الثقة الغالية بشكل جليّ..واستحقّ ألّا أفي بما له عليّ..
ونظر الحمارالمكدود.. إلى البدوي الذي سبقت منه العهود..
وسلفت منه الوعود ..وهاهو ذا يقرنها بالمستحيل المستحيل ..
وقد همّ الحمار بقول ما يشفي الغليل.. لكنه فقد السيطرة وخرج من فمه صوت ماله مثيل ..
اختلط فيه الألم بالغضب .. والسخط بالعجب .. وانفجر كلً ذلك الركام العتيق ..
معلناً مولد شيء اسمه النهيق ..ولأنّ أحداً لم يعلم ..ولم يرد أن يفهم..لماذا ومتى وكيف ؟
وقع ماوقع من حيف..فما زال الأمر يتكرّر ..ولاشيء على مايبدو سيتغير..
فالمهارات لم تستخدم لفائدة .. والمعاملات لم تخضع لقاعدة ..
وكأنّ كلّ من لايملك هالك ؟..وكأنّه خلق ليكون ألعوبة بيد المالك ؟..
-----------------


 	 الثقة الغالية  990632580
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kproxy.com/servlet/redirect.srv/seoi/s7yzd/sbphfk/p1/
 
الثقة الغالية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» @ الثقة الغالية
» الثقة بـِ الله هي ~
» حبيبتي الغالية
» اختبار " الثقة بالنفس " ((للتحدي))
»  هل يتعارض الحياء مع الثقة بالنفس ؟؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات صوران  :: القسم الادبي :: قصص وحكايات-
انتقل الى:  
الساعة الأن بتوقيت (سوريا)
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات صوران
 Powered by ®https://soran.roo7.biz
حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010