@@@ حب كبير ونهاية مأساوية @@@

ثلاث طلقات نارية مزقت سكون ليل القرية الوادعة على كتف الجبل، الجميع تساءل عما حدث، فلاأحد يطلق ناراً إلا وتكون هناك مناسبة، هل جاء أحد من غربة، أومسافر عاد بعد طول غياب، ربما مات أبو سمير ذلك العجوز الذي يعاند الموت منذ أيام..
لكن صوت الرصاص جاء من الجهة الأخرى.. قال محمود..مجيباً عن تساؤلات نزار وبدر، وتابع: وزع الورق بدلاً من الأسئلة التي لامعنى لها، اللهم إلا إذا اردتم الانسحاب من اللعبة، اعرفكم، واعرف اساليبكم إذا خفتم من الخسارة تخترعون سبباً للانسحاب، لاشيء جديد .."دق المي وهي مي"
دعونا لنذهب ونرى ماذا حدث ؟ فالأمر ليس صدفة ولاحياء في القرية الآن فالارانب بعيدة والصيد يحتاج إلى تراكتور واطلاق النار جاء من هناك وأشار نزار بيده إلى الجهة الشرقية من القريةثم إن الجو جميل والقمر بدر ونسمة الصيف عليلة فلماذا لانذهب ونتمشى ونعرف الخبر، على كل حال اعتبروا أن ذلك دعوة مفتوحة للمشي قبل النوم، وبالمناسبة منذ زمن لم نمش ليلاً..هياهيا لاتتأخروا..
وخرج الأصدقاء الأربعة من المنزل قصدوا ساحة القرية ثم انعطفوا يميناً باتجاه الحي الشرقي وهناك سمعوا جلبة لم يكن يتوقعونها.. أسرعوا الخطا، قال: ألم أقل لكم أن شيئاً ما حدث!!..
اقتربوا أكثر فأكثر، ثمة أمر ما وقع عند بيت أبي جمال لم يكن هناك إلا بضعة رجال، وقفوا قرب الجدار في الظلام دلت عليهم سجائرهم التي تشع من بعيد لكن لاصوت سوى همهمات وهمسات وسعال يقطع السكون بين الحين والآخر سأل محمود:
خير انشالله، ماذا حدث؟
لاشيء لاشيءبانتظار الشرطة.. لقد تأخرت رد أحدهم وأخذ نفساً عميقاً اًمن سيجارته. وفهم الأصدقاء الأربعة ان وجودهم غير مرغوب به إلى حد ما فاستأذنوا ومشوا لكن الفضول دفعهم مرة أخرى للسؤال:
هل نستطيع المساعدة..
قلنا، لاشيء..
واختفى الشباب وسط الظلام.. قرب دكان أبي ابراهيم وقفوا ليسألوا عما حدث فأجابهم صاحب الدكان..لقد قتلوا سلوى، أنهوا حياتها ببضع رصاصات ، غسلوا عارهم وانتهى الأمر، لقد تأخروا كثيراً، لكن هذه هي الحياة، كل شيء بميعاد..
تسمّر الاصدقاء من هول الخبر، هل تقتل المرأة بعد هذه السنين لقد كانت سلوى من أجمل فتيات القرية وأذكاهن، تعلمت ونجحت في الثانوية العامة الفرع العلمي أرادت أن تصبح طبيبة أو مهندسة لكن علاماتها حالت دون طموحها فدرست الرياضيات والكيمياء على أمل أن تدرس الكيمياء الحيوية والمخابر يوماً وتحقق جزءاً من أحلامها.
في الجامعة تعرفت إلى شاب من محافظة أخرى ..
التقته يوماً صدفة في حديقة الجامعة، كان يبحث عن مقرر طلبه أحد الأساتذة ليكمل حلقة بحث ،فتبرعت سلوى بتأمين المرجع، بعد أيام بحث عنها في الكلية وقد أنجز ماطلب منه شاكراً لها حسن مساعدتها فدعاها لتناول فنجان قهوة في مقصف الجامعة.
تكررت لقاءات الزميلين مراراً وتكراراً، كانا يساعدان بعضهما في الدراسة وما إن ينتهي اليوم الجامعي حتى يذهب كل منهما إلى سكنه، سكنت سلوى في القسم الخاص بالإناث في المدينةالجامعية، فيما استأجر خالد غرفة في الدويلعة مع اثنين من أقربائه الطلبة، ورغم أنه كان يتكبد عناء التنقل من غرفته إلى الكلية يومياً لكن الأمل بالنجاح والتفوق كان دافعاً كبيراً للدراسة هذا عدا عن تلك الفتاة التي أصبحت محفزاً آخر للذهاب إلى الجامعة وكم تمنى أن تفتح الجامعة أبوابها يوم الجمعة في العطلة الأسبوعية ليرى سلوى.
أحبا بعضهما حباً كبيراً، وجد خالد في محبوبته فتاة أحلامه: حبيبة مثقفة وجميلة في منتهى الرقة والأدب متحررة في احتشام، مخلصة وصادقة، وتسعى للعلم والمعرفة متفوقة إلى حد ما في كليتها لاشيء يلهيها عن الدراسة وطلب المزيد من العلم .
كان خالد يحدثها عن حياته وأهله في قريته البعيدة، فقراء وبسطاء أخوتي متعلمون يحبون العلم والمعرفة ويسعون إليها وجلهم يعمل ويدرس، لاأحد منهم خارج إطار المدارس والمعاهد..
تكونت الصورة في ذهن سلوى حول خالد، ناقشت الأمر كثيراً مع نفسها توقفت مراراً وتكراراً، إنه من بيئة مختلفة ومن المستحيل أن يوافق أهلي على الزواج منه، لكنه شاب متعلم والأهم من هذا وذاك إني أحبه وأريده زوجاً، لاأستطيع أن ارتبط بغيره، ولا أن أكمل حياتي من دونه مهما كانت الأسباب، فكرت كثيراً بأمر الارتباط، ناقشت كل الاحتمالات فلم تصل إلى نتيجة مقنعة إلا بربط مصيرها بخالد الذي أحبته.
انقضى العام الدراسي وأعلنت النتائج فتخرج خالد بمعدل جيد فيما بقي عند سلوى مادة واحدة.. جلسا معاً في حديقة الجامعة بدا اللقاء وكأنه وداع، ناقشا الحاضر والمستقبل وبعد ساعة ونيف اتفقا أن يأتي وأهله لزيارةأهلها وطلب يدها رغم معرفتها سلفاً بالنتيجة.
رفض الأب الفكرة رفضاً قاطعاً وبعد مشقة وافق على استقبالهم فقط.. حتى من دون ترحيب كما جرت العادات والتقاليد.. وخرج خالد وأهله بخفي .حنين وربما بأكثر من ذلك، فيما أمضت سلوى ليلتهاغارقة بدموعها..
تخرجت سلوى من الجامعة وأقنعت نفسها بألا تتزوج بغير خالد مهما طال الزمن، وعاشت أيامها على ذكراه، فالزواج مستحيل وطريقة أخرى مفترضة مرفوضة قولاً واحداً وشغلت نفسها بحضور الندوات الثقافية والمحاضرات والأمسيات الشعرية والدورات المجانية لطلبة الثانوي والإعدادي.
مرت سنتان ، التقيا صدفة أثناء تقديمهما لمسابقة تربوية لم تتردد سلوى بالموافقة على الزواج بخالد حتى ولو كان من دون رغبة الأهل .. وهكذا كان.
أعلمت أمها هاتفياً بالأمر وطلبت منها أن تحضر عقد قرانها وعرسها إلا أن الأم خافت حتى من الإفصاح لأبيها برغبة سلوى .
تحدثت لبناتها فشجعن فكرة حضور العرس حتى الأخ الأكبر وافق دونما تردد محققاً لرغبة أخته ووقف الجميع مشدوهين أمام موقف الأب المتصلب الرافض مهدداً ومتوعداً .
رزقت سلوى بطفلين ، التقت أمها وأخاها مراراً وتكراراً حتى زارها أخوها في منزلها وبإلحاح من الأم اقتنع الأب باستقبال ابنته في المنزل.
سمع الاقرباء بحضور سلوى واعدوا العدة لاستقبالها على طريقتهم وكلفوا شاباً صغيراً بإنهاء حياة ابنة عمه، وفي الليلة المشؤومة قام بالمهمة على أكمل وجه.
صعق الأصدقاء الأربعة عندما عرفوا إن جريمة بشعة وقعت راحت ضحيتها صبية جامعية أم لطفلين، لا ذنب لها سوى أنها تزوجت من بيئة مختلفة، قال محمود لقد وصلنا إلى نهاية العالم فمازال الجهلة يتحكمون بحياتنا ومصرين على تذكر ماضٍ جاهل لم نحصد منه إلا التخلف والبؤس،وها نحن اليوم أمام فاجعة حقيقية.
لم يعقب نزار واكتفى بدر بالأسف مبدياً تخوفه من أن تعتبر الجريمة كجريمة شرف وأن ينفد القاتل بفعلته تحت ستار أنه حدث وأنه لم يتحمل رؤية ابنة عمه في القرية فقام بقتلها، وتفرق الأصدقاء كل إلى منزله بعد أن شهدوا مأساة إنسانية.
أسدل الستار على جريمة نكراء وبتعديل القانون الخاص بجرائم الشرف سينال المجرم عقاباً عله يكون رادعاً لغيره.

الله يسترنا من الاعظم وشكرا

قال عز وجل‏:‏{من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفسا أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكانما أحيا الناس جميعا‏}‏

لا حول ولا قوة الا بالله

[color=red][واجب على جميع الأهالي سؤال المرأة عن شريك حياتها لأن الاسلام فرض علينا ذلك و تعنت الأهل يؤدي إلى عواقب وخيمة لا يحمد عقباها فالإنسان العاقل من يحكم عقله في تدارك هذا الأمر بالنصيحة أو الإقناع مثلا :نه:

نحن ما نفكر فيه ، وكل ما نحن عليه إنما يبرز للوجود بأفكارنا
فبأفكارنا ، نصنع عالمنا "
شكرا ابو عدي