نيويورك (رويترز) - المحاكم الدولية.. جبهة جديدة في صراع الشرق
الاوسط تلوح في الافق وراء المعركة الدبلوماسية الجارية هذا الاسبوع لمنح
الفلسطينيين العضوية الكاملة في الامم المتحدة.
ويأمل الفلسطينيون أن تمنحهم العضوية الكاملة أو الجزئية في الامم
المتحدة القدرة على مقاضاة الحكومة الاسرائيلية ومسؤوليها أمام محاكم جرائم
الحرب الدولية أو مقاضاتهم في محافل دولية أخرى.
ويحذر مسؤولون اسرائيليون بقلق متزايد من أن شن هذه "الحرب
القضائية" سيعزل اسرائيل وسيمنع مواطنيها وقادتها العسكريين من السفر الى
الخارج خوفا من أن يتعرضوا للاعتقال للاشتباه بأنهم مجرمو حرب.
ويقول بعض المعلقين ان الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ربما يغاليان
من شأن دراما السياسة والعلاقات العامة الجارية في نيويورك مثلما يفعل
المحامون في أي نزاع قضائي.
وقالت روزا بروكس وهي استاذة للقانون الدولي بجامعة جورج تاون ولعبت
أدوارا سياسية في وزارتي الدفاع والخارجية الامريكيتين "القلق من حدوث
تغير حاسم مبالغ فيه."
لكن الاعتراف الرسمي بدولة للفلسطينيين قد يحسن موقفهم في المحكمة
الجنائية الدولية والكيانات القضائية الدولية الاخرى التي قد يسعون لمحاكمة
اسرائيل أمامها.
ويتوقف هذا السيناريو على المدى الذي ستصل اليه جهود منح
الفلسطينيين عضوية كاملة في الامم المتحدة في نيويورك حيث تبذل واشنطن
جهودا مكثفة للحيلولة دون حدوث ذلك.
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه سيتقدم رسميا يوم الجمعة الى
مجلس الامن الدولي بطلب عضوية كاملة في الامم المتحدة واذا رفض الطلب في
نهاية المطاف -وهي نهاية حتمية تقريبا مع تلويح الولايات المتحدة باستخدام
حق النقض (الفيتو)- فانه سيتوجه الى الجمعية العامة للامم المتحدة.
ولا يمكن الحصول على العضوية الكاملة في الامم المتحدة الا بعد
موافقة مجلس الامن الدولي لكن أغلبية الثلثين بين الدول الاعضاء في الامم
المتحدة يمكن -ومن المؤكد تقريبا أن تفعل - أن تصوت لرفع تصنيف بعثة
المراقبة الدائمة لفلسطين لدى الامم المتحدة من "كيان" الى "دولة غير عضو."
."
فاذا تم الاعتراف بها "كدولة" قد تتوجه فلسطين الى كيانات دولية
أخرى لا تتمتع الولايات المتحدة فيها بحق النقض وتطلب العضوية أو الدخول في
معاهدات دولية. ولكل منظمة قواعد انضمام خاصة لكن اعتراف الجمعية العامة
بالفلسطينيين سيعزز من طلبهم الالتحاق بأي من هذه المنظمات.
وستكون الجائزة القضائية الاكبر التي يحصل عليها الفلسطينيون في هذه
الحالة هي المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي والتي تأسست بعد محاكم
جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة ورواندا وهي المحاكم التي تأسست بموجب
نظام روما الاساسي.
والمحكمة الجنائية الدولية هي المحفل السياسي الدولي الوحيد الذي
يمكن توجيه الاتهامات فيه للافراد وتلتزم كل الدول الموقعة على نظام روما
الاساسي وعددها 117 دولة بتسليم المشتبه بهم.
ولم توقع اسرائيل على نظام روما ولا الولايات المتحدة لكن هذا لن يمنع الفلسطينيين من رفع قضايا بموجبه.
ويمكن لمجلس الامن الدولي أو الدول الاعضاء في المحكمة الجنائية
الدولية احالة مزاعم جرائم الحرب أو الجرائم ضد الانسانية الى ممثلي
الادعاء في المحكمة الجنائية للتحقيق فيها.
وفعل الفلسطينيون هذا في أكتوبر تشرين الاول عام 2009 عندما طلبوا
محاكمة المسؤولين الاسرائيليين الذين شنوا الهجوم على قطاع غزة في أواخر
عام 2008 وأوائل 2009 و"أفعال ارتكبت على أرض فلسطين" في السابق.
ولم يقرر كبير ممثلي الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية ما اذا كان موقف الفلسطينيين "ككيان" يسمح لهم بالتقدم بمثل هذا الطلب.
وقال روبرت مالي مدير برنامج الشرق الاوسط في المجموعة الدولية
لمعالجة الازمات ان منح الجمعية العامة للامم المتحدة العضوية الكاملة
للفلسطينيين قد يؤثر بقوة على أي قرار في المستقبل
وهذا هو ما يخيف اسرائيل.
وألغى جنرالات ومسؤولو دفاع اسرائيليون متورطون في الحرب على غزة
رحلات سفر لحضور مؤتمرات دولية في لندن ومدريد خوفا من أن تكون مذكرات
اعتقال دولية قد صدرت بحقهم هناك.
وقال مالي "يخشى الاسرائيليون أن يساقوا الى لاهاي."
وذكرت صحف اسرائيلية الاسبوع الماضي أن رئيس الوزراء الاسرائيلي
بنيامين نتنياهو قال في حديث خاص انه يخشى أن يتهم الفلسطينيون أيضا
مستوطنين اسرائيليين في الضفة الغربية بانتهاك معاهدات جنيف التي تحظر
التشريد القسري للسكان.
واذا نزل الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي حلبة العراك القضائي فان
الفلسطينيين سيواجهون بالطبع خطر اتهامهم ومحاكمتهم أمام نفس المحاكم التي
يحاولون استهداف اسرائيليين فيها.
وليس هناك ما يضمن أيضا بأن يمضي ممثل الادعاء في المحكمة الجنائية
الدولية قدما في اتهامات موجهة الى اسرائيل أو مسؤوليها. وتواجه المحكمة
الجنائية الدولية عقبات اجرائية قد تحبط أي محاكمة فيها.
والمحكمة هي منظمة سياسية مثلما هي قضائية حيث يمكن لاعتبارات الجغرافيا السياسية أن تتغلب على قضية قانونية محكمة.
وقال مالي "لكنه سيف لا يريده الاسرائيليون مسلطا على رقابهم."
من جوزيف شومان