تأثير الغضب على الصحة والحياة
,,,
يتسبب الغضب في انخفاض قدرة القلب على ضخ الدم المطلوب لكامل الجسم، فوجد أن المرضى الذين أصيبوا بنوبات قلبية بعيد حالة من الغضب قد انخفضت عندهم قدرة القلب بنسبة 5% من القدرة الطبيعية، ولم يلاحظ هذا التغير إلا عند الذين شعروا بالغضب بشكل محدد من بين كل العواطف الأخرى، وكانت الخلاصة أن الغضب من أكثر العواطف ضرراً على القلب، فلا غرابة أن نجد من الأطباء من يتحدث عن تأثيرات الغضب وكأنه تأثير سميّ قاتل، ولكل هذا قد يفهم من قول الله تعالى قل موتوا بغيظكم (آل عمران 119) فكأن الغيظ يمكن أن يؤدي عملياً للموت بشكل أو آخر.
ووجدت عدة دراسات علاقة مباشرة بين قياس شدة الغضب والعدوانية، وبين شدة الإصابة بأمراض القلب التاجية، عندما يصاب الشريان التاجي الذي يغذي القلب بالتضيق أو الانسداد، وهذا لا يعني بالضرورة أن الغضب بنفسه هو سبب النوبات القلبية، ولكنه أحد العوامل الرئيسية إضافة للعوامل الأخرى، ولا ننسى وجود تأثير تراكمي لنوبات الغضب المتكررة.
وفي دراسة لمجموعة من المرضى الذين أصيبوا بنوبة قلبية أولى، فقد وجد أن الذي يميل للغضب السريع والعدوانية أكثر عرضة لتكرر إصابته بنوبة قلبية ثانية خلال عدة سنوات تالية، وأنه عرضة للموت بنوبة قلبية ثلاثة أضعاف الأشخاص الأكثر هدوءًا والأقل غضباً.
والشيء المبشر هو أنه يمكن تدريب المرضى الذين هم عرضة للنوبات القلبية على التخفيف من حدة ردود أفعالهم وغضبهم من خلال دورات تدريبية، مما يمكن من تخفيف نسبة تكرر النوبات إلى النصف مقارنة مع الذين لم يتلقوا مثل هذا التدريب، وتقوم هذه الدورات التدريبية على تعليم العناصر الرئيسية لمفهوم الذكاء العاطفي وخاصة الانتباه إلى طبيعة العواطف ومنها الغضب، ومحاولة التعاطف مع الطرف الآخر على أمل تخفيف العدوانية وردود الأفعال، وذلك باستعمال مبادئ المعالجة النفسية المعرفية والسلوكية.
ولابد لنا عند الحديث عن علاقة الذكاء العاطفي بصحة الإنسان من الإشارة إلى ضرورة التعامل مع المريض كوحدة متكاملة، بما لها من الجوانب المختلفة لحياة الإنسان كالجسد والنفس والروح والعقل، هذا بالإضافة إلى البعد الاجتماعي لحياة الإنسان.
ولابد عند التعامل مع مريض ما، ومهما كان مرضه أو أعراضه من الانتباه إلى الجوانب النفسية والعضوية معاً، فالجسد يتأثر بالنفس، وهي تتأثر به.
ونستطيع كأطباء مهما كانت اختصاصاتنا، أن نعين المريض على إيجاد الجو الأنسب للشفاء والمعافاة من خلال مساعدته على التحلي بالاطمئنان والهدوء وسكينة النفس، ويمكن لهذا أن يتحقق عن طريق حسن معاملة المريض، وتقديم المعلومات إليه بالطريقة واللغة المناسبتين له.
لا تزال علاقة عواطف الإنسان بصحته العامة موضوعاً خصباً للمزيد من الدراسات والأبحاث من أجل تقديم أقصى ما يمكن من الرعاية الصحية كوقاية أولاً وكعلاج ثانياً